الأحد، 25 مارس 2018

سرديات قصيرة //////////////////// أبواب الفتنة !! ////////////////////////////////////////

 سرديات قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــ

                        أبواب الفتنة
                                       بقلم
                             أحمد عبد اللطيف النجار
                                     أديب  عربي

أبواب الغواية والفتن كثيرة وإبليس اللعين لم يعدم الوسيلة لفتنة وغواية عباد الله المؤمنين ؛ يساعده في غوايته عُصبة من شياطين الإنس والجن ، و تلك الأبواب وأقواها الاختلاط السافر بين الرجل والمرأة سواء كان في العمل أو البيت .
جميعنا يعلم أن المرأة أقوى أسلحة إبليس اللعين ، هي دائماً وأبداً تثير الفتنة أينما حلت ، والحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم حذرنا من فتنة النساء وكثيراً ما رأينا بيوتاً كانت عامرة بالأهل والأبناء صارت خراباً بسبب الانفتاح الزائد عن الحد على الأصدقاء وفتح باب البيت على مصراعيه لكل من هب ودب !
تامر مهندس شاب يبلغ من العمر 47 عام ، تزوج منذ ستة عشر عاماً من سوسن التي كانت وقتها طالبة بالسنة الثالثة بالجامعة وفي قمة التدين والأخلاق ، تخرجت زوجته وعملت مدرسة ومضت حياتهما هادئة أنجبا خلالها ثلاثة أبناء صغار ملئوا دنياهم بهجة وسعادة .
ذات يوم قام تامر بزيارة مفاجئة لزوجته في مقر عملها وعرّفته بزميلها مدحت الذي رحّب به بحرارة ، وبعد أيام قليلة أبلغته سوسن أن زميلها هذا يرغب في زيارتهم مع أسرته ، وجاء مدحت مع زوجته وأولاده الذي يماثلون أولاد سوسن في السن ، وأمضيا معاً وقتاً طيباً .
منذ الوهلة الأولي لاحظ تامر أن زوجة مدحت تفوق زوجته جمالاً ، بعد فترة زمنية قصيرة تلقي تامر دعوة من مدحت لزيارته في بيته مع زوجته سوسن  وتكررت الزيارات العائلية بينهم كثيراً ، وانتقل المهندس تامر إلي سكن جديد
بعيد عن الحي السابق ولاحظ أن مدحت زميل زوجته بدأ يزورهم في سكنهم الجديد وحده دون اصطحاب زوجته معه ، بل ويمضي معهم وقتاً طويلاً ، وتكررت الزيارات المنفردة من جانبه بشكل مكثف حتى بدأ تامر يتساءل عن سر هذه الزيارات الكثيرة المنتظمة دون أن تحضر معه زوجته ، وواجه سوسن بتساؤلاته فنهرته بشدة ودافعت عن زميلها مدحت بحرارة واصفه إياه بأنه صديق مخلص شريف يحترم حقوق أصدقائه ، .. لم يقتنع تامر بدفاع سوسن عن ( صديقها)  ومضت الأمور بعد ذلك في نفس الطريق ، ثم حدثت بعض المشاكل العادية بينه وبين زوجته سوسن ولاحظ الرجل أن رد فعلها تجاهه قد أصبح حاداً وجاف !
مرت الشهور ثم لاحت فرصة عمل بالخارج للمهندس تامر لمدة عامين ، وظن الرجل أن بعده عن زوجته سوسن سوف يساعد في إزالة الخلافات ، وسافر بالفعل للعمل بدول الخليج  وكان حريصاً وهو في غربته على الاتصال بزوجته وأولاده بانتظام ، وآلمه كثيراً أن سوسن لم تكتب له أي رسائل خلال  غربته بالرغم على تلهفه على أي كلمة منها .
مضى عام كامل فإذا به يتلقى منها خطاباً مقتضباً تطالبه فيه بإرسال ورقة طلاقها  عن طريق السفارة المصرية !
ساعتها صُعق الرجل وعاد لمصر على أول طائرة ليحاول إنقاذ أسرته من الانهيار .
ناقش سوسن في أسباب طلبها الطلاق ولديهم ثلاثة براعم صغيرة يحتاجون للرعاية ، فلم تجبه سوى بأن الحياة قد استحالت بينهما وأنه من الأفضل لكل منهما أن يمضي في طريق مختلف !
ناقش المهندس تامر الأمر مع أهله وأقاربه ، فإذا بأم سوسن تصارحه بأن ذلك الزميل الغادر ( مدحت) الذي كان يزورهم بكثرة في مسكنهم هو السبب في طلب سوسن الطلاق وأنه سوف يتزوجها بعد حصولها على الطلاق !!
لجأ الزوج المسكين تامر لحكماء العائلة وواجه مدحت بما قالته حماته فنفاه بشدة وتساءل عما يدعوه للزواج مرة أخرى ولديه زوجة جميلة وثلاثة أبناء ؟
حاوال تامر كثيراً مع زوجته لإصلاح الأحوال بينهما دون فائدة ، واضطر للعودة لعمله بغير الأقدام على الطلاق حفاظاً على كيان الأسرة .
مرت الأيام والشهور وهو يحاول مع زوجته دون جدوى فاضطر للعودة بعد سبعة شهور  في محاولة يائسة لإنقاذ  ما يمكن إنقاذه ، لكن سوسن استمرت
في معاملته أسوأ معاملة وتمسكت بالنوم في غرفة مستقلة ، بل وراحت تهدده بدس السم له أو قتله خلال نومه إن لم يستجب لطلبها الانفصال !
ولم تكتف بذلك  وبدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات الطلاق عن طريق المحكمة ، ودارت بينهما مساجلات كثيرة في المحاكم ولم يستطع الزوج المسكين الصمود لبذاءات زوجته وشتائمها أكثر من ذلك فوافق علي الطلاق وطلقها بالفعل ، ساعتها شعر تامر بأن قطعة من جسده قد انتزعت منه وعاد لبيته مهزوماً مقهوراً .
مضت أيام العدة فما أن انتهت حتى عرف أن زوجته المحترمة سوسن أم أولاده تزوجت في اليوم التالي لانقضاء العدة من مدحت الذي كان يدّعي صداقتهم ودخل بيته واقتنص منه زوجته !!
تعرض المسكين تامر لانهيار تام حين عرف ذلك وحصل على إجازة من عمله وجلس في بيته مع أولاده حزيناً مهموماً يكاد يجن من التفكير المتصل فيما حدث له ، كان في شدة ضيقه يوسوس له الشيطان  أن يذهب لمدحت الغادر يقتله كي يريح المجتمع منه ومن آثامه ، لكنه يتريث ويتساءل : ماذا سيستفيد أبنائي إذا فعلت ذلك وكان مصيري الإعدام أو السجن، من يرعاهم في غيابي ؟!
ذات يوم فوجئ المهندس تامر بزوجة مدحت الأولي تلومه قائلة إنه السبب فيما حدث لأنه أدخل مدحت بيتهم وسمح له بهذه الزيارات المكثفة !
هذه مأساة من صنع شياطين الإنس جسدت لنا كيف تكون أبواب الغواية سهلة وميسورة ، فتصبح سبباً مباشراً لهدم البيوت السعيدة وخرابها !
لقد رأينا كيف أن الصداقة والاختلاط بين الجنسين في أي مكان تكون بمثابة باب العبور الرئيسي لدخول أعوان إبليس إلى حياتنا يعيثون فساداً ، لكن في كل الأحوال أرى أن العار كله يقع  على تلك الزوجة الخائنة وليس على الزوج المخدوع تامر ، وإن كنت أراه بال أدنى شك من المقصرين في حماية كيانه الأسري وزوجته !

لقد تشابكت كل العوامل كخيوط العنكبوت ؛ سواء كانت الزوجة الخائنة أو الزوج المخدوع الغافل أو الصديق الوسيم ، وأدت كل تلك العوامل إلى تلك النتيجة المأساوية ، وأرى أن فكرة الانتقام من ذلك الصديق الخائن لا معنى لها ولا طائل من ورائها سوى مضاعفة الخسائر الإنسانية والاجتماعية ، واحل الأمثل هو نسيان أمر هؤلاء الخونة واعتبارهم من غير الأحياء ولا الأموات  ، ففي النسيان النعمة الكبرى والراحة الأبدية  للنفس والروح .

سرديات قصيرة ///////// طبائع الملائكة ////////////////////////////////////////

 سرديات قصيرة
ـــــــــــــــــــــــــ
                       طبائع الملائكة
                                        بقلم
                            أحمد عبد اللطيف النجار
                                     أديب عربي

طبائع الملائكة نورانية شفافة لا تحمل غلاً أو حقداً لأحد وتسامح مت يسيء إليها ، هكذا تكون أيضاً النفوس الملائكية ، سماتها العفو عند المقدرة والتسامح مع من جرحوها وأساءوا إليها .
سوزان امرأة ذات نفس نورانية يشع نورها على من حولها ، تميل دائما للعفو والتسامح مع من أساءوا إليها ، يقول عنها الجميع إنها على خُلق وأن وجهها ملائكي !
تزوجت من رامي الذي يكبرها بخمسة أعوام بعد قصة حب جميلة ، وجمعت بينهما العِشرة الطيبة والاحترام المتبادل والمشاعر الصادقة ، توثقت العلاقة بينهما وازدادت عمقاً بعد أن رزقهم الله بطفلين جميلين ، وسعدت سوزان بأسرتها الصغيرة وسافرت مع زوجها للعمل في سلطنة عمان منذ عدة سنوات ، وفي تلك الفترة كانت علاقتها طيبة مع أسرتها وأسرة زوجها ، وأصبحت فترة الأجازات التي يعودون فيها لمصر من أجمل أيام حياتهما ، يقضونها وسط ترحيب الأهل ودفء المشاعر ، وكان هناك ميل واستلطاف من سوزان ناحية فتاة من عائلتها تُدعى سهير  لا يزيد عمرها عن عشرين عاماً . يعمل والدها بالخارج وتتنقل أمها بين ابنتها وبين زوجها معظم شهور السنة ، وقد أعطت سوزان الفتاة سهير رعاية واهتماماً خاصاً هي وزوجها رامي قبل سفرهم إلى عمان ، واعتبرها الأهل أم ثانية أو شقيقة كبرى لسهير حتى أن والدها كان يستعين بالسيدة سوزان لإقناع ابنته بما يريد لأنها أقرب الناس إليها ، مرت السنوات وحصلت سهير على الثانوية العامة والتحقت بكلية التربية ، وتواصلت العلاقة الحميمة بين سوزان والفتاة سهير .
مرت الأيام وشاءت إرادة الله أن تستمر غربة سوزان وزوجها ستة أعوام
متتالية ، ثم قرر زوجها أن يعودون لمصر في أجازة لمدة شهرين ، عادوا بالفعل وطابت لهم الحياة في مصر بعد الغياب الطويل ، وطالت الأجازة وانتهى الشهرين ولم يعودوا لعملهم بالخارج واستمروا في مصر خمسة شهور كاملة ، ثم عادوا للخارج ، وفوجئت سوزان بزوجها كأنه شخص آخر مختلف نهائياً عن الذي عاشرته وتعرفه ، فهو دائم الشرود ويبدو وأنه قد تغير فيه شيء جوهري ، فسرت سوزان ذلك بتأثير الغربة ووحشتها  والبعد عن الأهل !
ذات يوم وبالمصادفة وجدت سوزان أمامها حقبة زوجها السوداء التي يحتفظ فيها بأوراقه الهامة  والتي يغلقها بالأرقام السرية ، فدفعها فضولها إلي فتح الحقيبة ، فإذا بها تجد فيها مجموعة كبيرة من صور وخطابات غرامية تحكي بالتفصيل العلاقة الفاضحة التي نشأت بين زوجها ( المحترم) وبين الفتاة الصغيرة سهير التي لا يتعدى عمرها عن عشرين عام !
نعم إنها سهير الي كانت تعتبرها سوزان مثل ابنتها فإذا بها تتطلع إلى زوجها وتخطفه منها ... صرخت ساعتها سوزان من أعماقها حين رأت الصور وقرأت الخطابات التي تلتهب بنار الشوق الزائد والمحبة الجنونية ، صرخت مولولة وسقطت على الأرض وتم نقلها للمستشفى وعولجت بالمهدئات ثم عادت لبيتها  وقد اسودت الدنيا في وجهها !
الآن فقط فهمت الزوجة المخدوعة سوزان سر بقاء رامي في مصر خمسة شهور طويلة أمضاها إلي جوار تلك الشيطانة الصغيرة التي أغرته بلبس الجينز والملابس القصيرة المفتوحة من الخلف والبلوزات المكشوفة من الظهر وحتى الرقبة والبنطلونات التي تُلبس بالصابون !!
لقد باع زوجها ( المحترم) حبها  وأولاده ووقاره ، واحترام الناس له ، وقررت سوزان مواجهة زوجها بما عرفت فأنهار واعترف بخطئه طالباً منها أن تسامحه وتغفر له هذا الخطأ لأن الفتاة الصغيرة هي التي أغرته واستدرجته وحدث ما حدث !
عرف أهل سوزان بما حدث وأصيبوا بالذهول وتأزم الموقف بين إخوتها وزوجها  ولم تستطع هي البقاء معه في تلك الفترة العصيبة من حياتها ، وعادت في أجازة لمصر واستقر الرأي على أن يعود زوجها رامي بعدها وأن يتم انعقاد مجلس عائلة بحضور إخوتها وأهله ليفصلوا في الأمر وينتهي المجلس بالصلح أو بالطلاق ، وتم عقد مجلس العائلة بالفعل واستقر رأى
إخوة سوزان وكلهم في مراكز مرموقة على ضرورة أن يتم طلاقها من زوجها تكفيراً عما فعل بها وبالأسرة كلها ، كان ذلك هو القرار الذي توصلوا إليه ، وسوزان لا تريد أن تهدم بيتها من أجل أولادها ، نعم هي مصدومة في زوجها رامي الذي أحبته وأخلصت له الود والعِشرة ، ومصدومة كذلك في الفتاة الصغيرة سهير تلك الشيطانة التي أحبتها واستمرت تحت رعايتها منذ كانت طفلة تحبوا !
لكن ما ذنب أولادها  الذين لهم حقوق عليها وعلى أبيهم ولابد من التضحية من أجلهم بكل غالي ونفيس !
ذلك هو مربط الفرس ، فالسيدة سوزان بروحها الملائكية الشفافة آثرت التضحية من أجل أبنائها ، هي أيضاً من أصحاب القلوب الحكيمة التي تتعالى على هوى النفس وصغائرها وميلها الغريزي للانتقام ممن أساءوا إليها ، وها هي تضع مصلحة أولادها فوق أي اعتبارات وتنظر للأمر كله ببصيرة نافذة تتجاوز عن عثرات الطريق !
إن الملائكية التي يصفون بها وجهها لا تقتصر فقط على ملامح الوجه وإنما تمتد إلى الروح والنفس ، تلك هي طبائع الملائكة التي لا تسمح للمرارات والأحقاد أن تفسد عليها مشاعرها الأصيلة عند أول بادرة جحود أو خطأ .
                                                         
                                                              أحمد عبد اللطيف النجار
                                                                    أديب  عربي





سرديات قصيرة ///////////////////////// القبيلة !! /////////////////////////////////////

                          القبيلة !
                                        بقلم  
                           أحمد عبد اللطيف النجار
                                  أديب  عربي
                               
لكل قاعدة استثناء ، لكن نجد في أحيان كثيرة استثناء بلا قاعدة ، فليس كل القرارات الخاطئة التي يتخذها أي إنسان تؤدي حتماً إلى أخطاء أخرى أكبر !
بل قد يخطئ أحدنا في قرار ما ويجد النتيجة رائعة وأكثر من رائعة ، لكن تلك حالات فردية لا يصح أن تكون هي القاعدة !
مسعود فتى يافع نشأ في أسرة طيبة بإحدى مدن الوجه البحري في مصر ، أبيه من الأعيان يمتلك ستين فداناً ولكنه عملياً من متوسطي الحال لأن أرضه كلها كانت مؤجرة ولا يتقاضى عنها إلا إيجارا زهيداً ، حين بلغ الفتى المرحلة الثانوية تعثر في دراسته ورسب مرتين ، فقررت أسرته أن ترسله للإقامة مع خاله الأعزب الذي يقيم بالقاهرة ، كي يلتحق  بإحدى مدارسها ويخضع لإشراف خاله ، خاصة وأن شخصية خاله صارمة حازمة ، وشاءت الأقدار أن تتكرر نفس الظروف مع صفية ابنة خالته التي حصلت على حصلت على الإعدادية بمجموع ضعيف لا يؤهلها للالتحاق بالتعليم الثانوي العام ، فرأت أسرتها أن ترسلها هي أيضاً للقاهرة لتكون تحت رقابة خالها الصارم  وتلتحق بمدرسة خاصة هناك .
هكذا جمعت الدراسة بين مسعود وصفية ابنة خالته في شقة خالهم الأعزب ، تخدمهم سيدة مسنة ويتابع الرجل دراستهم وأحوالهم في نظام صارم .
في ظروف الغربة عن الأهل والشكوى من شدة خالهم معهما ، وجد الفتى والفتاة نفسيهما يتبادلون مشاعر الحب الطاهر البرئ وهما في هذه السن الصغيرة !
هم لا يدركان إن كان حبهما حقيقياً أم حب مراهقة ، لكنهما رغم ذلك تعاهدا على
الزواج ... مضى العام الدراسي ونجح الفتى مسعود في الثانوية العامة بما يشبه المعجزة والتحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية ، واجتاز الاختبارات الرياضية بالتوصية والواسطة لأنه لم يمارس في حياته أي لعبة رياضية ، ونجحت كذلك صفية ابنة خالته بالمدرسة الثانوية وعادت لتقيم مع أسرتها .
انتظم مسعود في دراسته ومن حين لآخر كان يزور أسرنه ويجدد العهد مع صفية ابنة خالته على الزواج ، ومرت الأيام حتى وصل الفتى للسنة الثالثة بالمعهد ووصلت صفية إلى الثانوية العامة ، وتهافت الخطاب عليها لجمالها وثراء أسرتها ، وكلما تقدم لها عريس رفضته انتظاراً لفتاها مسعود ، إلى أن تقدم لها عريس ممتاز من كل الجوانب ، فأرغمتها أسرتها على قبوله وحاولت هي الإعتراض بكل وسيلة فلم تثمر محاولاتها سوى تأجيل عقد القران حتى تؤدي امتحان آخر العام !
ساعتها واجه الفتى والفتاة الكارثة التي تهددهما بالفراق حتى آخر العمر ، وتشاورا فيما بينهما ، وحثتهما عقولهما الصغيرة إلى قرار خطير هو أن يضعا أسرتهما لأمام الأمر الواقع ، وأخبر كل منهما أهله بأنه لن يتزوج سوى الآخر مهما حدث ، وواجهتهما عاصفة من اللوم والسباب والإهانة !
وبعدة خفوت العاصفة اجتمعت الأسرتان وقررتا تزويجهما تجنباً لاتساع المشكلة مع مقاطعتهما نهائياً !!
كان الحل الذي توصلت إليه الأسرتان هو أن يرحل مسعود وزوجته عن البلدة ويقيما في شقة بمدينة القاهرة ، وأن يساعدوهما بمبلغ عشرين جنيهاً كإعانة شهرية كي يعيشا بهذا الدخل البسيط في المدينة الكبيرة  ويتحملا مسئولية حياتهما وإجرامهما في حق الأسرتان !
تم الزواج وكان الفرح كالمأتم الحزين ، وسعد الزوجين بذلك رغم الإهانات والاحتقار .. انتقل مسعود وصفية إلى الشقة الصغيرة التي تم تجهيزها في أضيق الحدود مراعاة لظروف والد مسعود المالية .
واجه الفتى واقعه الصعب الجديد وبدخل شهري بالبريد قدره عشرين جنيهاً لا غير !... مع ذلك فقد سعد الفتى باجتماع شمله مع حبيبته صفية ولم تمض أسابيع حتى كانت زوجته حامل ؛ وفكر في مستقبل الجنين وهو لا يستطيع أن يلبي حاجة بيته للطعام ، وقرر مع زوجته بيع ذهبها وأن يشتري بثمنه سيارة أجرة مستعملة ، وتعلم مسعود القيادة ليعمل عليها بعد الدراسة في المعهد ، واشترى السيارة بالفعل وبدء العمل عليها بعد الظهر وفي أيام الإجازات ، وقرر
مع زوجته وحبيبته صفية أن يتوقفا عن قبول المساعدة الشهرية من أبيه وصهره لكي يستعيدا بعض احترامهما في أعين الأهل الذين احتقروهم ، وتحسنت أحوالهما قليلاً ووضعت زوجته حملها فإذا به تؤم من ولدين بدلاً من ولد واحد ، سعد بعهما الزوجين سعادة طاغية وأسموهما أسعد وسعيد . بعد شهرين من مجيئهما للحياة حملت صفية مرة أخرى ، واستقبل مسعود عامه الأخير بالمعهد وقبل أن تُعلن النتيجة وضعت زوجته الحبيبة حملها الثاني فإذا به تؤم من ولدين أيضاً أطلقوا عليهم سعد وسيد ولله في خلقه شئون ، مرت الأيام وتخرج مسعود من المعهد وعمل مدرساً بمدرسة إعدادية بمحافظة القليوبية وعمره لا يتجاوز الخامسة والعشرين وهو أب ويعول أربعة أطفال ، وحين كان زملائه بالعمل يسألونه عن حالته الاجتماعية ويجيبهم بالحقيقة كانوا يندهشون ويتعجبون كيف يواجه مسئولية أسرته الكبيرة بمرتب لا يزيد عن 23 جنيه ؟!
لكن مسعود كان يجيبهم بأنه يكافح لإعالة أسرته بعد العمل بسيارة أجرة ، وأن كل مصاعب الحياة تهون عليه حين يعود إلى بيته الدافئ بالحب ويجد فيه أم أولاده بنت العشرين ربيعاً تحوط أولاده بالحب والرعاية .
مرت الأيام وظل أهلهم علي موقفهم رغم استغنائهما عن أي معونة منهم .
وحملت صفية للمرة الثالثة ولم تكن راغبة هذه المرة في الحمل والإنجاب لكنها إرادة الله ومشيئته ، وضعت صفية حملها للمرة الثالثة تؤماً من ولدين أسميناهما سامي وسامح . وأصبح لديهم ستة أطفال ذكور ومسعود ما زال في الخامسة والعشرين من عمره ، أصبح هو وزوجته وأطفاله الستة حديث الأقارب  وموضع إشفاق بعضهم ، رغم ذلك استمرت الأسرتان في موقفهما  من الحبيبين، وضاعف من عناءهما  أن تأجيل تجنيد مسعود قد انتهى ، فتقدم  لأداء الخدمة العسكرية بعد حرب أكتوبر المجيدة  وانقطع جزء كبير من دخله من السيارة التي كان يعمل عليها ، لكنه تحمل مع زوجتي كل شيء وانتهت فترة الخدمة العسكرية بعد عناء شديد ووجد الرجل العبء قد أصبح ثقيلاً على كاهله ،  وزوجته صفية التي نشأت وتربت في العز ولم تعرف الفقر أصبحت تفصل من فساتينها القديمة ملابس لأطفالهم الرضع ، وبدأت ملابسها التي جاءت بها من عند أسرتها تبلى من كثرة الاستعمال ولا تستطيع شراء غيرها  وقد اخشوشنت يداها من غسيل ملابس أولادهم الرضع كل يوم عدة مرات وخدمتهم الشاقة طوال اليوم ، والطهي والكنس والنظافة ، وكلما أشفق مسعود عليها مما تتحمله من عناء هوّنت عليه مصاعب الحياة وبشرّته بأنه سوف أكون أحسن رجل في الأسرة وسوف تثبت الأيام لكل من ازدروهم واحتقروهم إنها اختارت الاختيار الصحيح ، فكان يدعو لها بالصحة وطول العمر جزاء رفعها روحه المعنوية ... مرت الأيام وذات يوم قرأ مسعود إعلان عن مسابقة لتعيين مشرفين رياضيين بالجامعة ، فتقدم للمسابقة ولم يكن أفضل المتقدمين ولا أحسنهم لكن الله سبحانه وتعالى أراد له النجاح ، ربما لأنه وهو يتقدم بالطلب استحضر في خياله عيون زوجته وأطفاله الستة حين يرجع إليهم بالنتيجة وتسأله صفية بلهفة عما فعل ، فلم يشأ الله أن يخذلها وتم تعيين مسعود مشرفاً رياضياً بالجامعة واتسعت أمامه أبواب الرزق وازدادت ساعات عمله على سيارة الأجرة وتخفف من بعض متاعبه ، وكبر أولاده التوائم وزادت نفقاتهم ومطالب المعيشة .
في تلك الفترة حاول مسعود كثيراً السفر للخارج وتقدم بطلبات كثيرة لجهات متعددة دون فائدة ، إلي أن تقدم إلى إعلان للعمل برعاية الشباب بدولة الإمارات العربية وتحققت المعجزة وتم اختياره وسافر مع زوجته وأطفاله الستة  إلى هناك بعد أن باع السيارة الأجرة ، واستقرت حياتهم هناك وتفانى مسعود في عمله الجديد ، ثم حدث ذات يوم أن تقابل مع أحد المصريين العاملين هناك ، الذي أخبره أنه توجد قطعة أرض مباني بالهرم تُباع بألفي جنيه للقيراط  وأوصاه بالشراء منها عند عودته لمصر لأنها فرصة طيبة لن تتكرر ، وعندما عاد مسعود لمصر توجه إلى عنوان ذلك الشخص الذي استقبله بترحاب شديد واصطحبه إلى صاحب الأرض  التي حكي له عنها ، وقام مسعود بالفعل بشراء قطعة أرض ممتازة بعشرة آلاف جنيه وأصبح مالكا لقطعة أرض لأول مرة في حياته !
بعد فترة من إقامتهم ب في شقتهم القديمة بالقاهرة استخار مسعود ربه وقرر السفر إلي بلدته بمدينة الزقازيق التي لم يدخلها منذ أكثر من عشر سنوات ليصالح أبيه وأمه ويسترضيهما ، ذهب مسعود إليهم طالباً العفو والسماح عن اندفاع الشباب ، وفعل نفس الشيء مع أسرة زوجته طالباً الصفح عن كل ما كان ، وعاد الزوجين للقاهرة راضيين سعداء ، وفجأة توفي والده راضياً عنه وفي نفس العام مات حماه وكان تاجراً كبيراً ، ساعتها تعجب مسعود من حكمة القدر وقد هبطت عليهم فجأة ثروة كبيرة جداً من ميراثه هو وزوجته صفية .
ساعتها تذكر أيام الحرمان والشقاء  وليالي الضيق الطويلة التي لم يخففها عنه سوي حبهم الكبير ، ولم يملك الرجل إلا أن يسجد لله شكراً على نعمته وفضله ،
ولقد مضت السنوات سريعاً وبلغ مسعود الآن العقد الخامس من عمره وهو مازال يعمل بالخارج ، وحصل أولاده التوائم كلهم على أعلى الشهادات الجامعية من كليات الطب والهندسة والصيدلة والعلوم والحاسب الآلي ، وأصبح لهم بيتاً جميل تم بناؤه في قطعة الأرض التي اشتراها في منطقة الهرم والتي تضاعف سعرها عشرات المرات وكان شراؤها توفيقاً من الله ، وقام أبو التوائم بتزويج أولاده كلهم وتحققت نبوءة صفية وبشارتها فأصبح وضعهم المالي في القمة بين الأسرتين ، وكان مسعود وفياً بأهله وأقاربه فلم ينس حقوق والدته عليه وكذلك صفية  لم تقصر في حقوق أمها ، كما لم ينس حقوق المساكين فيما أنعم الله به عليه  وسبحان الله ..( يرزق من يشاء بغير حساب ) .
لقد كانت حياة مسعود وصفية ملحمة حقيقية للكفاح والصبر والمعاناة ، وقد جسّدت لنا تكاتف الأزواج واتحادهم أجمل تجسيد ، ورأينا كيف جرت القصة كلها من بدايتها ضد كل ما يقضي به العقل والحكمة وتجارب الحياة ، هي بالفعل استثناء بلا قاعدة ، ورغم ذلك فقد أثمرت  ثماراً طيبة يندر أن تثمرها أي تجربة مماثلة ، فكان ما فعله الرجل منذ البداية هو الخطأ الذي جاءت نتائجه مبهرة !!
لأنه من المعروف سيكولوجياً أن حب المراهقة ليس حباً حقيقياً يصمد للزمن وإنما هو غالباً عاطفة شهوة مشوشة مغلفة بالأحلام ، معرضة للتقليب والتغيير مع تغيير المزاج النفسي للإنسان الرشيد وتخلصه من مزاج المراهقة المتقلب !
لكننا رأينا في قصة مسعود وصفية تجربة استثنائية تماماً ، فقد نجح زواجه من صفية ابنة خالته ، وصمد زواجهما وأثمر ثماره الطيبة رغم صعوبات البداية ، فتلك الصعوبات نفسها  قد استثارت فيه هو وزوجته إرادة التحدي والكفاح للحفاظ على الأسرة التي تحملا نبذ الأهل واحتقارهم من أجلها ؛ كل ذلك استنفر في الزوجين كل ملكات الإرادة والرغبة في النجاح تجنباً لشماتة الشامتين .
أكثر ما أثارني في تلك الملحمة الاستثنائية هو منظر تلك القبيلة الصغيرة العجيبة التي تكونت سريعاً خلال ثلاث سنوات فقط وضمت ستة أطفال ذكور لا يزيد فارق السن بين كل توءم  على عام واحد فقط !
لقد صهرتهم تلك القبيلة الصغيرة من الصغار في بوتقة واحدة وذابت معهم كل نظريات علم النفس عن المراهقة وتقلباتها ، ذلك أن ستة أطفال  صغار أعمارهم متقاربة بهذا الشكل العجيب كفيل بكل تأكيد أن يصرف الإنسان عن أي شيء آخر في الحياة سوى الحفاظ علي تلك الثروة الإنسانية  والوصول بها لشاطئ الأمان .
                                                     أحمد عبد اللطيف النجار
                                                      أديب عربي




ثورة ليلي ..!! /// محاكاة عصرية لمأساة مجنون ليلي أخي قيس //////////////////////////////////////////////

                             قصيدة النثر العربية
                
                     ثورة ليلي ..
                 محاكاة عصرية  لمأساة  مجنون ليلي
                             قيس ابن الملوّح 
                && شهيد الغرام  &&
                            كلمات
                         أحمد عبد اللطيف النجار
                                 شاعر  عربي
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راحت ليلي ....
تستقصي ...
أقيس ما زال ...
يهواها ..؟
ينشد فيها ...
أشعارا ...
ويتغنى ...
سجاياها ...
قالوا ليلي ...
قيس قال ...
وفي الأقوال ...
معناها ...
أنشد فيكِ ....
عذب كلام ...
وألفاظ ومغزاها
قالت ويحه ...
قال ...
أتعب روحي ...
وآذاها ...
وكم أنذرته ..
يرجع ..
ولا يدخلنا ...
في متاهة ...
رفض أن
يجاوبني ...
وقال ليل ...
أعرف نفسي
وأعبد رب ...
سوّاها ...
أعبد رب ...
سوّاها ..
ـــــــــــــــــــــــ
صرخت ليلي ...
ويلك قيس ...
كفاك حديث ...
ولغو كلام ..
ونشراً للهراء ...
تعيش في
عقلك الأوهام ...
وتنشد قومي ...
أشعارا ..
تقول أني ...
قتيل غرام ...
عشقت ليلي ...
لا أنكر ...
وهل علي ...
العاشقين ملام ..؟
وسمع الناس ..
ما قلت ...
قالوا قيس ...
فضح ليلي ...
ووجب طرده ...
لا  كلام ..!
وجب طرده ...
لا كلام ...
ـــــــــــــــــــــــ
قالت ليلي ...
يا قيس ...
بعثت إليك ...
بالتحذير ...
واستهزأت ...
بقولي ...
وأسرعت
بالتبرير ..
وأنشدت بأشعارا ..
ألحقت بي العارا ..
وحار القوم ...
في التفسير ...
قالوا قيس ...
قد جُنّ ...
أصابه مس ...
في عقله ...
وأصبح شعره ...
تغرير ...
يبغي  غواية ...
الفتيات ...
بأشعار الأساطير ...
قال أهوى ...
ليل ...
وأنشد فيها ...
قول أثير  ...
فجاء القوم ...
واجتمعوا ...
وقرر عمه ...
تقرير ...
قال قيس ...
برأت منه ...
حقاً قوله ...
تقصير ...
أراد فضيحة ...
ابنتنا ...
وسوف نريه ...
سوء مصير ..
سوف نريه ...
سوء مصير ...!
ـــــــــــــــــــــــــ
ثارت ليلي ...
علي قيس ...
قالت ..
يا حبيبي وداع ...
فقد أضنيتني ...
قهراً ..
مات الحب ...
فينا وضاع ...
وقد أوهمتني ...
حباً ..
عشت عمري ...
فيك خداع ...
قيس ...
ابن عمي ..
يحبني ..
لكنه للوفاء ...
باع ...
راح يلف ...
خيامنا ..
ينشد شوقنا ...
لرعاع ...
قالوا قيس ...
مجنون راح ...
عقله  وضاع ...
ورحت تهيم ...
في الصحراء ...
وتركتني ...
في الأوجاع ...
ابن عمي قيس ...
عذراً ...
نعيش حبنا ...
في صراع ...
وراح قومي ...
يهجونا ...
لأن غرامنا ...
شاع ...
وصار الكل ...
يحكيه ...
ولا أرى ...
لذلك داع ..
فأرحل عن ...
بوادينا ...
فقد آذيت ...
أهلينا ...
لم يعد لديك ...
متاع ..
وصرت غريبا ..
مكتوب عليك ..
تموت ...
محروماً ...
ويبقي قلبي ..
ملتاع ...!
يبقي قلبي ..
ملتاع ...!
يبقي قلبي ...
ملتاع ...!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 أحمد عبد اللطيف النجار
   شاعر عربي