الخميس، 2 أغسطس 2018

قراءات عصرية /// 2 //// فصام الحياة !! //////////////////////////////////////////////////////////


  قراءات عصرية 2
ـــــــــــــــــــــــــــــ ــ
                      
              فصام الحياة !
                                              بقلم
                            أحمد عبد اللطيف النجار
                                    كاتب عربي

بين الحقيقة والخيال شعرة واهية تجسد لنا الواقع الذي نحياه ولا نصدق إننا نعيشه حقاً!!
إخلاص فتاة بريئة في الخامسة والعشرين من عمرها ، لكنك إذا رأيتها تشعر بأنها في خريف العمر وليس في أوج الشباب !
أسرتها الصغيرة مكونة من أبيها الذي تجاوز الخمسين خريفاً  وأمها وأخيها الصغير .
منذ أن وعيت إخلاص الحياة أدركت أن العلاقة بين أبيها وأمها
أحلام ليست علي ما يرام ،... كان الأب دائم السفر والبعد عن أسرته ، لكنه قرر أن يجتمع شمل الأسرة بإحدى المدن الساحلية البعيدة عن القاهرة ، وعندما قرر الرجل ذلك فوجئ أولادها بأمهم تتحدث إلي أشخاص غير موجودين وتتبادل معهم السباب والشتائم بألفاظ جارحة لم يتصور الأبناء أن تتلفظ أمهم بها !
سافرت الأسرة كلها إلي بورسعيد وهناك ازدادت حالة أحلام سوءاً وزادت معها الفضائح ، فقد كانت تعمل مدرسة بالتربية والتعليم ولاحظ عليها زملاؤها والطلبة سلوكها الغريب !
يوماً بعد يوم أصبحت الأسرة كلها حديث المدينة ، وأصبح الكبير والصغير فيها يعرف الأسرة بسبب مرض الأم ، وفرضت عليهم تلك الظروف المؤلمة عزلة اجتماعية وزادت نظرات الإشفاق عليهم !
بعد عدة شهور تم عرض أحلام علي طبيب نفسي وتلقت العلاج وتحسنت حالتها وارتفعت معنويات الأسرة كثيراً ، وأصبح الأبناء يشعرون بوجود أمهم معهم تحدثهم ويحدثونها ، يحكون لها عن مشاكلهم في الدراسة والمدرسة .
فجأة بعد أن عاشوا فترة سعادة قصيرة ساءت حالة أمهم أحلام مرة أخري لعدم التزامها بالدواء  وادعاءها كذباً أنها تتناوله !
ضاق زوجها من حالتها فتزوج عليها أرملة لديها طفلان ، وكان معذوراً في ذلك لاحتياجاته النفسية والعاطفية التي يفتقدها عند زوجته المريضة ، واضطر الأبناء للموافقة علي زواج أبيهم لعلمهم بصعوبة مرض أمهم أحلام .
الغريب في الأمر أن أحلام كزوجة لم تشعر بأن زوجها تزوج عليها ولم تهتم بالسؤال عن كثرة فترات غيابه عن البيت ، وساءت حالة أحلام كثيراً فاضطر زوجها لإدخالها مصحة نفسية للعلاج وشخص الأطباء حالتها بأنها (( فصام عقلي حاد )) ...
 استمرت الأم المسكينة في المصحة فترة من الزمن ، ثم خرجت منها إنسان مختلف تماماً ،هادئة الطباع وتتصرف بطريقة طبيعية جداً ، فتطهو الطعام لأولادها وتخرج معهم للفسحة مع التزامها بالدواء المقرر لها لمدة سنة علي الأقل !
ساعتها شعرت إخلاص بطعم الحياة وأشرق وجهها بالسعادة ، ومضى العام كالحلم  الجميل المستحيل !
فجأة انتكست حالة الأم أحلام مرة أخري وتزلزل كيان الأسرة كلها، خاصة أن حالة الأم المسكينة ازدادت سوءاً وأصبحت  تمتد يدها لتحطم أي شئ أمامها ، وصار أفراد الأسرة يعيشون في خوف وفزع ولا ينامون ليلاً  ونهاراً !!
إنها حقاً مأساة كبري لأسرة بسيطة  شاء الله أن يبتليها بمرض الأم التي هي مركز كيان الأسرة وعامود أساسها ،، .. فغياب الإنسان ، أي إنسان بالرغم من وجوده المادي بين أعزائه محنة إنسانية مؤلمة يقاسونها بأشد مما يقاسيها الغائب نفسه ، وها نحن الآن أمام أسرة مسكينة الأم فيها مريضة بفصام مزمن  والأب مشغول بحياته الجديدة !... والضحية في كل ذلك هم الابنة المسكينة إخلاص وأخيها الصغير !
الفصام النفسي من أشد الأمراض النفسية تعقيداً وصعوبة ، ذلك أنه مرض مزمن (( لا علاج فعلي له )) ويتراوح من يعانيه بين نوبات من اشتداد المرض ونوبات من المهادنة ، وقد عايشت ذلك بنفسي مع إحدى قريباتي حيث عاني أهلها الأهوال حتى فاضت روحها إلي بارئها وهى في عمر الزهور ـ رحمها الله ـ .
والفصام في تعريفه البسيط  مجموعة من الاضطرابات تنشأ  عن اضطراب التفكير والإدراك والوجدان والسلوك ، وعدم اتساق العلاقة فيما بينهم ، وهو يشمل في بعض مراحله ضلالات وهلاوس مختلفة
من قبيل الضلالات الاضطهادية مثل أن يعتقد المريض أن هناك من يتجسسون عليه أو يستهدفونه للنيل منه وإيذائه ، ويظن أن الآخرين يلمحون إليه أو يسخرون منه بالقول والإشارة .
وهناك من مرضى الفصام من يعتقد بوجود قوة خارجية تتحكم في تصرفاته رغماً عنه ، مع وجود هلاوس سمعية كالأصوات التي يسمعها المريض تخاطبه بألفاظ مهينة له غالباً مما يستثيره للرد عليها بألفاظ أفحش منها !!
هذا بالإضافة للهلاوس اللمسية واضطراب الوجدان والإرادة ، وتضطرب علاقة المريض بالعالم الخارجي مما يؤدي إلي انسحابه منه والتمحور حول ذاته ، فيصبح كالطفل التوحدي تماماً ( الأوتيزم)

والمبتلي بالفصام يجد نفسه دائماً غير قادر علي فهم الآخرين ، ويجدهم غير قادرين على فهمه ويشعر بنفسه معزولاً وهناك قوى غامضة تحيط به ، وشرور مجهولة  تترصده ، ويعجز عادة عن التمييز بين الحقيقة والخيال ويكون سلوكه غير متوائم مع أي موقف يقابله!
هنا يجب علي المجتمع بأسره تفهم حقيقة مريض الفصام و لا يتحامل عليه بل يكون هناك تعاطف تام معه حتي يمكن مساعدته ، وهذا هو دور وسائل إعلامنا البائس المريض ، حيث يجب توعية الشعب كله بحقيقة أصعب مرض في الوجود بدلاً من الإعلانات التافهة والبرامج الساذجة التي يقدمونها للناس ، هذا ما أتمناه من إعلامنا المصري والعربي ، وأعرف أن (كل ) أمنياتي مستحيلة مع ذلك الإعلام الهابط للحضيض ، ذلك الإعلام العربي (المغيّب) .. هو إعلام فاسد لا فائدة منه !!!!!!!
مريض الفصام المسكين يجب أن يجد الجميع حوله ، يساندونه ولا
يعارضونه ، أي يوافقون علي كل ما يراه  ولا يسخرون منه ، فهو في الواقع متأكد أنه علي حق وأن ما يسمعه حق !
من هذا المنطلق يجب مسايرته وعدم الاستهزاء به ، لأنه أولاً وأخيراً إنسان له مشاعر يشعر ويحس ، يكره ويحب  ويدرك جيداً من يتعاطف معه ومن يسخر منه !!
ثم أين دور رجال الأعمال المصريين والعرب ؟! .. أين دورهم في إنشاء مستشفيات خاصة ( مجانية) لرعاية وعلاج مرضى الفصام النفسي ؟!
هل فكر واحد من هؤلاء أصحاب المليارات العرب والمصريين في إنشاء مستشفى لمرضى الفصام من زكاة ماله ؟!!
هل فكر واحد من هؤلاء أصحاب المليارات ألعرب والمصريين في التبرع بنصف ثروته لأعمال الخير كما فعل الملياردير ( العظيم) بيل جيتس الذي تبرع ((( بكل ))) ثروته لأعمال الخير في الشرق والغرب وخاصة في أفريقيا المنكوبة بحكامها المستبدين ؟!!!
الإجابة عن كل تلك الأسئلة سلبية بالطبع ، فالإنسان العربي والمصري تربي علي حب الذات والأنانية والنرجسية !!!
ذلك هو واقعنا المؤسف والمقرف جداً !!
رغم ذلك هناك بقعة ضوء في نهاية ذلك النفق المصري المظلم ، أقصد بها مستشفى القلب الذي أنشأه المصري العظيم الدكتور مجدي يعقوب ، لقد أنشأه الرجل المخلص كله من حر ماله هناك في أقصى الصعيد ، في أسوان لعلاج مرضى القلب الفقراء ((( مجاناً))) !!
تحية من الأعماق للدكتور مجدي يعقوب ، وندعو الله أن يوفقه في سعيه الدائم للخير ومساعدة المرضى الفقراء ، وجزاه الله خيراً .
ذلك الرجل المحترم بمجهوده الفردي  أعطي وطنه الكثير والكثير ، ورد الجميل لأم ادنيا !
وغيره  من رجال الأعمال ( أشباه الرجال )  العرب والمصريين يتفننون فقط في نهب خيرات الوطن العربي وشعوبه البائسة !
فهذا واحد من هؤلاء ( أشباه الرجال )  استولي علي ملايين الأفدنة الزراعية  في مشروع توشكا بأقصى جنوب مصر !
حدث ذلك في عهد الموكوس علي عينه  حسني مبارك !
مرت السنوات ولم يزرع هذا النصاب  الأرض في توشكا ، هو فقط استولي عليها  بتراب الفلوس ؛ كي يبيعها بعد ذلك  بمليارات الفلوس ، إلي هذا الحد هانت أم الدنيا علي حسني مبارك !!!
وبعد ذلك  يحصل علي البراءة  بتدخل مباشر من المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد !!!
يقتل آلاف الثوار  بدم بارد ويحصل علي البراءة !!!!
تلك هي أقدارنا نحن المصريين !
نعيش في الهوان منذ مئات السنين  منذ أن استولي  جمال عبد الناصر علي السلطة وعزل الرئيس الحقيقي  المحترم محمد نجيب !!
أتعرفون محمد نجيب ؟!!
إنه أول رئيس مصري  من الشعب بعد أن تم عزل الملك  فاروق عن  حكم أم الدنيا !
وهو نفسه كان الأب الشرعي  لثورة 23 يوليه  1952 .
كان الغطاء  والصورة  الجميلة  لثورة يوليه .
وبعد أن استتب الأمر لعبد الناصر  ؛ أول ما فعله هو عزل  الرئيس محمد نجيب .
واستمر نجيب  في محبسه في بيته تحت الحراسة المشددة طوال عصر الموكوس علي عينه حسني مبارك !!!
كما ترون  يتحكم في أم الدنيا حكام  مهووسون بالسلطة ، ومصابون بالفصام الذهني والعقلي الشديد !!!
مثلهم مثل باقي الحكام العرب !!!
بعد ذلك ،، هل هناك أمل في التغيير للأفضل ؟!!!
بالطبع مستحيل مع هؤلاء الحكام المرضي !!!!
ولماذا  التغيير مستحيل ؟!!!!
لأن هؤلاء الحكام المرضي يحكمون العالم العربي كله وفق منظومة واحدة !!!
يعني علي طريقة راعيني قيراط أراعيك قيراطين !!!
مصالحهم في نهب شعوبهم واحدة !!
أهدافهم في إذلال شعوبهم واحدة !!!
وآخر ما يفكرون  فيه  هي الأمة العربية ومصالحها !!
حتي جامعتهم العربية ؛ جامعة مريضة يتحكم فيها كهولهم العواجيز ،، بحجة أنهم خبراء ولديهم خبرات نادرة لحل مشاكل امتنا العربية!
يا سيدي علي الخبرات النادرة !
أنعم وأكرم بالخبرات النادرة !!!
وهم في الحقيقية مثل عواجيز الفرح تماما !
لا رأى لهم !
لا صوت لهم !!!
لا هيئة لهم !!!
ولماذا لا هيئة لهم ؟!!!
لأن كهول الجامعة العربية مثل مومياوات  الفراعنة تماماً !!!!
لكنهم مومياوات تتحرك بين ظهرانينا ،، وتقبض ملايين الدولارات من دم الشعوب المسحوقة !
وفي النهاية يقولون  أننا عجزنا عن حل مشكلات العالم العربي  لأن العرب  غير متحدين  ويكرهون بعضهم بعضا !!!
يا سلام علي الكراهية !
انه حقا اكتشاف مذهل من كهول الجامعة العربية  !
لقد اكتشفوا أخيرا أن العرب  تجمعهم الكراهية ، وتفرقهم  المحبة !
يا سيدي علي عواجيز الفرح  وأفكارهم العجيبة !!
إذن ما الحل مع هؤلاء العواجيز ؟!!!
الحل السليم  هو تفكيك تلك الجامعة المريضة ، وتسريح عواجيز الفرح  لكي يعيشوا بقية حياتهم في الكراهية !!
نريد أن يشعروا مثلنا بالكراهية !!
لقد شعرنا بالكراهية قبلهم في مصر !
وشعرنا بالكراهية في سوريا !!
وشعرنا بالكراهية في اليمن !!
وعشنا بالكراهية والجنون الأصلي في ليبيا !!!
ورأينا كراهية الحاكم لشعبه في تونس !!!
وشاهدنا أم الكوارث مع أختها أم المعارك في العراق !!!
إذن فقد صرنا نعيش في عالم كله كراهية وجنون أصلي  !
أقصد عالمنا العربي فقط  ، وليس العوالم الأخرى المحترمة !
أقصد عالمنا الثالث المتخلف ، والذي ازداد تخلفا وجهلا بعد أن سيطر علي حكمه الجهلاء والمجانين !!
ذلك العالم العربي الكاره لنفسه ؛ هل يستحق ان نعيش فيه ؟!
بالطبع لا !
ومن حسن حظنا أننا نودع الحياة وبلغنا  من العمر عتيا ونستعد للرحيل عن ذلك العالم الكئيب للعيش في عوالم أخروية   رائعة تسود فيها قيم العدل والسلام والمحبة .
استعدوا معي ليوم الرحيل إن شاء الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ  والله الموفق والمستعان ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                      أحمد عبد اللطيف النجار
                                                كاتب عربي