الخميس، 31 مايو 2018

ملحمة الانسان والزمان /// 3 //// أخي صبحي الجيار //// الحلقة الثالثة //////////////////////////////////////////////////////////////////////



 ملحمة الإنسان والزمان
     /////     3  //////
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
            أخي صبحي الجيار  
                     //////  الحلقة الثالثة //////          
                                              بقلم
                     أحمد عبد اللطيف النجار
                                كاتب عربي

 نواصل الغوص  في حياة أديبنا الراحل أخي صبحي الجيار ؛ ننهل من علمه وحكمته وأدبه الكثير والكثير .
يقول أخي صبحي في كتابه التحفة ( ربع قرن في القيود )
كانت حاستي الفنية كأديب تدفعني إلي التغلغل  في أعماق النفوس  البشرية  ودراسة مشاعرهم  وتصرفاتهم  في بيئاتهم المختلفة .
أتذكر  بهذه المناسبة  صديقة صغيرة لا تتعدي العشرين  من عمرها ؛ زارتني  منذ سنوات  قليلة لتعرض عليّ  محاولاتها الأدبية  في الكتابة .
رحبت بها  في مزيد من الحماسة لأنها كانت  ذكية 
ولمّاحة  ومهذبة  ومتفوقة في دراستها الجامعية  وفوق هذا كله كانت ضريرة !
وأيضا كانت صريحة جدا ، فلم تخف رغبتها في التعرف علي جوانب حياتي الخاصة ، كيف اكتب ؟ اين تعلمت ؟ كيف أعيش ؟ لماذا لم أتزوج ، وأسئلة كثيرة  اعتدت سماعها واعتدت أن أجيب عليها .
وشجعتني صراحتها  وروحها الصافية  المرحة أن أغوص قي أعماقها ، واسألها بدوري  عن حياتها الخاصة  في عالمها المظلم !
سألتها  كيف تتصور شكل الإنسان ؟
وكيف تميز الجميل من الدميم ؟ وما مفهوم الجمال  في تفكيرها ، وما إحساسها بالألوان والطبيعة  والوقت ، وكيف تأكل وتقرأ وتكتب ؟!
كانت تجيبني في غير حرج أو تردد ، حتي أنها أخرجت من حقيبتها أداة تشبه المسطرة  فيها ثقوب  معينة ، وتثبت فيها ورقة سميكة ، ثم تكتب عليها بطريقة برايل  بقلم له طرف صلب رفيع !
وفي الزيارة التالية لم تتحرج أن تحكي  لي باعتباري أخ ترتاح لرأيه ؛ عن حياتها  العاطفية بما فيها من مفارقات ومشاعر خاصة  لا شك تختلف  عن الفتاة العادية .
ساعتها وجدتني اسأل نفسي ، إذا كنت قد خرجت بشي
جديد من حياة هذه الأخت المكافحة  وسط دياجير الظلام ؛ فهل أستطيع أن أقدم للقارئ  شيئا جديداً عن حياتي الخاصة  من خلال القيود ؟!!
وتذكرت كلمات جاءت في مقال كتبه عني الصحفي المعروف أنيس منصور في جريدة الأخبار بتاريخ 23 ديسمبر 1958 قال فيه :
( انه مثال عال ... يجب أن يذكره كل من له يدان  ولا يعمل ، وله ساقان  ولا يتحرك ! ) .
ترى هل في حياتي شيء ينفع الآخرين ؟
/////  تعليق ........
هنا يتساءل أديبنا الرائع صبحي الجيار ، هل في قصة حياته شيء ينفع الناس ؟
بالتأكيد أخي صبحي  في حيلتك وكفاحك  وصيرك علي الآلام  ما يمنح الأمل  لنفوس ضاقت  بالحياة  وأصابها اليأس  والقنوط من رحمة الله ونحن صرنا نعيش في غابة كبيرة يحكمها  قانون واحد هو قانون ساكسونيا !!
أقابل في حياتي الكثير من الشباب اليائس المحبط ، حيث لا وظيفة ، لا مأوي ، لا زوجة ، لا مستقبل ، لا وطن !
ويطالبونهم بعد ذلك بالانتماء الوطني !
يا سلام !!
أنعم وأكرم بانتماء ضاعت فيه حقوقنا وصرنا غرباء
ولاجئين !!
لم يفكر رحل أعمال واحد من رجال الأعمال العرب والمصريين  أن يساعد الشباب العربي اليائس  والمحبط !
بل يزيدون في تحطيمه  واستغلاله في مصانعهم الفاشلة في مدينة العاشر من رمضان وغيرها من المدن الصناعية العربية !
هؤلاء ليسوا رجال أبدا ، بل أشباه رجال ، مثل النبات الطفيلي  تماما ؛ يعيشون علي دم وعرق الغلابة والمستضعفين  وما أكثرهم في وطننا العربي الضائع !
وهناك في الغرب رأينا وشاهدنا رجل الأعمال العظيم  بيل جيتس  الذي تبرع (( بكل )) ثروته  لمساعدة الفقراء والمستضعفين  في جميع أنحاء العالم وخاصة في  القارة  الإفريقية المنكوبة بحكامها وسلاطينها والحروب والمجاعات !
أما عندنا هنا في الشرق العربي فلم نر نموذج واحد  مشّرف لرجل أعمال محترم  مثل بيل جيتس ، واعتقد أننا لن نراه أبدا في امتنا العربية المريضة !!
يواصل أخي صبحي حديثه الممتع .....
رحت استرجع  في ذهني الترجمات  الذاتية التي قرأتها  من قبل لكبار الفنانين والأدباء والصحفيين والأطباء ،
وأخرجت كتبهم  من مكتبتي ، وأعدت قراءتها ، وخرجت في النهاية بحصيلة لا بأس بها .
أعدت قراءة الأيام للدكتور طه حسين ، وقرأت سجن العمر وزهرة العمر  للأستاذ توفيق الحكيم ، وحياتي  للأستاذ احمد أمين  وكتاب ( أنا )  لعملاق الأدب العربي الأستاذ عباس محمود العقاد  ، وكتاب تربية سلامة موسي ، وقصة نفس للدكتور زكي  نجيب محمود ، وخليها علي الله  للأستاذ يحيي حقي ، وكتابي ليالي القصر  وخمسين يوم في لندن لزميلي الأستاذ حسين القباني .
ومن الترجمات الذاتية للأطباء ، قرأت حياة طبيب للدكتور  نجيب محفوظ ، وقصة حياتي للدكتور مصطفي الديواني ، ومذكرات طبيبة  للدكتورة نوال السعداوي .
ومن الأجانب  بدأت بقراءة أشهر مذكرات في التاريخ في كتاب اعترافات جان جاك روسو ، ومذكرات الفنان العالمى شارلي شابلن ، والمفكر الكبير برتراند راسل ، ومعجزة الإرادة الإنسانية  هيلين كيلر في كتابيها ( معلمتي آن سوليفان )  و( قصة حياتي )  وأعدت قراءة كتابين لمكسيم جورجي هما طفولتي وشبابي .
وأكثر ما أثر في نفسي  مذكرات الدكتور طه حسين في تحفته  الخالدة الأيام  التي حلل فيها  حياته بقلم ساحر
وروح شفافة وإحساس صادق ، وكم بهرني بوصفه لأحاسيس الطفل الضرير  في عالمه المظلم  البائس وما كان يصادفه من مشاكل خاصة   لا يدركها  أو يتصورها إلا من يعانيها !
وحتي  القلة الذين مروا بمثل هذه التجربة القاسية لم يستطيعوا أن يعبروا عنها بمثل قلم الدكتور طه حسين  في صدق وصراحة وبساطة  لا يسع القارئ أمامها إلا أن ينحني  احتراما لهذه الشخصية الجبارة !
/////// تعليق ................
بالفعل كانت شخصية الراحل العظيم الدكتور طه حسين  ؛ شخصية استثنائية في تاريخ الأدب العربي  في كل عصوره القديمة والحديثة .
وللأسف قدّمها التليفزيون  المصري  في مسلسل تليفزيوني ساذج  أجاد تمثيله الممثل الناشئ وقتها  المرحوم أحمد ذكي .
ولم يفكر مخرج واحد ( محترم )  في إعادة إخراج مسلسل الأيام وإنتاجه بأسلوب عصري !
فقط هم يتنافسون علي المسلسلات الهابطة الرديئة ، التافهة التي يقوم ببطولتها أنصاف النجوم وأشباه الرجال !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ  نكتفي بهذا القدر ـــــــــــــــــــــــ
&&&&& موعدنا غدا ان شاء الله
ــــــــــــــــ والحلقة الرابعة من ملحمة  الإنسان والزمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ  أخي صبحي الجيار ــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ إلي اللقاء ....
                                         أحمد عبد اللطيف النجار
                                                 كاتب عربي



ملحمة الجاسوسية الكبري /// 11 //// أمينة المفتي ///// جاسوسة فوق العادة ! ///////////////////////////////////////////////////////////////////////

 ملحمة الجاسوسية الكبري 
         ///  11  ///
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                       أمينة المفتي
                 جاسوسة فوق العادة !
                             (( الحلقة الحادية عشرة  ))                    
                                                              بقلم
                            أحمد عبد اللطيف النجار
                                   كاتب عربي

  سلسلة مقالاتي القصصية السردية  عن الجاسوسية  ليست سياسية ، بل هي تاريخية في المقام الأول ، قصدي منها توعية الشباب العربي  حتي لا يقع فريسة سهلة لأعداء الوطن ، وقد استعنت بمصادري الرئيسية من جوجل  وموسوعة المخابرات والعالم  وغيرها من المصادر ،، دوري هو السرد المبسط  بأسلوبي القصصي والتعليق ، حتي لا يدعي أحد من الجهلاء ( الصغار) أنني أسرق جهد غيري ،، فنحن أكبر من ذلك بكثير ولا نحتاج إليه!
 وأرجو من أصحاب الجروبات المرتعشة الخائفين أن يتركوا الخوف جانباً  وكفاناً دفناً لرؤوسنا في الرمال !!!! // الجروب المرتعش  يمتنع عن النشر  فوراً !! //
  &&  تنبيه هام جدا جدا ......
حتي لا يدعي أحد الجهلاء أنني اسرق مجهود غيري ،،، مجموعة مقالاتي عن الجاسوسة أمينة المفتي مصدرها موسوعة المخابرات والعالم  وكتاب فتاة من الشرق لمؤلف مجهول الاسم  وكتاب جواسيس  جدعون  لمؤلفه العبقري الجرئ غوردون توماس وغيرها من المراجع علي الشبكة العنكبوتية .
وإلي كل الخونة  والمنبطحين من الإخوان الفاشلين  ، أقول لهم لا تسخروا من الجيش المصري العظيم  وكل الجيوش العربية العظيمة ؛ جيوشنا تاج فوق رؤوسنا ؛ تحمي أرضنا وأعراضنا ، وذات يوم (( قريب جدا )) إن شاء الله سوف  يثأر الجيش المصري العظيم  من أعداء الوطن لأنهم خير أجناد الأرض كما أخبرنا بذلك  رسولنا الكريم  صلي الله عليه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                         
تستطيع أيها الإنسان أن تخدع كل الناس بعض الوقت ، وأن تخدع
بعض الناس بعض الوقت ، لكنك تعجز عن أن تخدع كل الناس كل الوقت !!
تلك كلمات خالدة للرئيس أبراهام لينكولن محرر العبيد في أمريكا .
وهي تنطبق تماماً علي الجواسيس في كل مكان !
مهما أوتي الجاسوس من ذكاء خارق ، فلابد أن يقع ذات يوم !
ووقوعه يكون بسبب ذكائه الخارق هذا !!

                               الأفعى تتلوى !
أجهشت أمينة بالبكاء الشديد بين يدي المحقق قائلة أن قصتها طويلة منذ بداية تجنيدها في الموساد ، فنهرها الضابط بعنف وصوب مسدسه ناحية رأسها قائلاً أن لديه أوامر صارمة بقتلها فوراً بالرصاص إذا لم تجب علي كل الأسئلة وبوضوح !
كوني حذرة في اختيار ألفاظك أيتها العاهرة وإياك والكذب ثانية فتحن نعرف عنك كل شئ ... كل شيء!
دار حوار وتحقيق طويل مع أمونة الشعنونة استطاعت فيه المخابرات الفلسطينية  زرع الشك من ناحية زوجها موشيه وانه هو نفسه عميل للموساد، وكان مجرد طعم لتجنيدها واقتنعت أمينة بذلك وأقرت بكل تفاصيل عملياتها التجسسية في لبنان !
نجحت خطة أخونا العبقري  العقيد أبو الهول في  زعزعة  ثقة العميلة في قصة حبها لليهودي موشيه !
وبدأت الجاسوسة في مرحلة الترنح والسقوط التام ، وسيطر الضابط المحقق  عليها تماماً ؛ فخضعت له في استسلام  وقد خارت عزيمتها ، وسقطت صريعة الرعب والخوف والندم داخل كهف السعرانة الرهيب الذي يفوق كهوف العصور الوسطي  رعباً  وتنبعث من بين
أعماقه رائحة الموت والعذاب !
فاجأها الضابط بسؤال صادم :
ــ مع كم شخص مارست الجنس في لبنان ..؟!
أجابت بعد تفكير ثوان معدودات ... تسعة أشخاص .!
وحتي تؤكد صدق إجابتها ، أضافت .. لبنانيان يعملان معي هما مارون الحايك ومانويل عساف الموظفان بشركة الهاتف وضابط فلسطيني  فشلت في تجنيده اسمه أبو ناصر  وخمسة أجانب .
ــ هؤلاء ثمانية فقط أين التاسع .؟!
ــ أجابت في خجل شديد .. خديجة زهران  ! .. وهي أول من عرفت في لبنان وتملك محلاً للملابس اسمه LOIRE .
وبدأت لحظة الانهيار الكبير لأمونة الشعنونة بوصول العقيد المرعب أبو الهول المفاجئ ، فهو رجل بلا قلب ، أعدم الفتاة الفرنسية أمامها وأمر برميها من فوق الجبل بعد تحطيم رأسها بالصخور !
صرخت أمينة في رعب شديد عندما سمعته يأمر أحد الجنود بتعرية ظهرها وهي مدلاة من سقف الكهف كالشاة المذبوحة !
ولما انكشف ظهرها بانت خطوط  السياط الحمراء المتقاطعة في كثافة ، فصرخ أبو الهول في جنوده :  أكنتم تدللونها يا أولاد الكلب!
أما زلتم في مرحلة الروضة ؟!!
وانهال ضربا علي الجنود الذين كانوا يعذبونها وهو يسبهم قائلاً :
ــ  كانت الفرنسية تمطر دماً .. أين دم هذه العاهرة يا أوغاد  ..؟!
واتجه ناحية الضابط الذي كان يحقق معها سأله : هل اعترفت بكل شيء ؟
أجابه الضابط وهو يقف منتصباً انتباه :
ــ لم تعترف بعد سيادة العقيد ، إنها كاذبة !!
ساعتها أدركت أمينة أن نهايتها قد اقتربت ،فاستجمعت ما بقي لديها من قوة وقالت : لقد اعترفت بكل شيء أيها القائد .. اعترفت حتي بأسماء شركائي !
اسألوني وسوف أجيب بصراحة عن كل شيء ... لا أريد أن أموت .. لا ريد أن أموت .
صمت أخونا أبو الهول لحظات ثم أمر الجنود في حزم انزلوها ..انزلوها !
                     
                       استجواب أبو الهول للأفعى !
داخل كهف السعرانة تم عقد مجلس استجواب شبيه بالمحكمة العسكرية العاجلة ، وبدأت أمينة تعترف بقصة سقوطها في  شرك الموساد وبإرادتها الكاملة ... كانت خائرة تماماً لا تملك سوى قول الحقيقة الكاملة دون خداع  أو كذب ...!
 إنه في يوم 12 ايلول سبتمبر 1975 الساعة الواحدة وخمس دقائق مساءاً ، أخضعت أمينة المفتي للتحقيق ، وكان استجوابها برئاسة العقيد أبو الهول ، وبإشراف  القائد محمد داود عودة ( أبو داود ) ....
ــ  اسمك بالكامل ؟
ــ أمينة داود محمد المفتي .
ــ جنسيتك ..؟
ــ أردنية .
ــ   مؤهلاتك العلمية والدراسية ؟
ــ  بكالوريوس علم النفس الطبي  من جامعة فيينا عام 1963.
وشهادة الدكتوراه (( مزورة ))  فأنا لم أكمل دراساتي العليا !
ــ أين ومتي تم تجنيدك في الموساد ؟
ــ أنا لم أجند ، فقد هددوني في فيينا في مايو 1972.
ــ كيف ، نريد كل التفاصيل .
ــ كنت أسعي للحصول علي درجة الدكتوراه في فيينا ، ولما فشلت تزوجت من طيار يهودي نمساوي  اسمه موشيه بيراد ، وهو في الأصل الشقيق الأكبر لصديقتي النمساوية سارة ، وكنا قد ارتبطنا معاً بعلاقة حب .
ـــ تتزوجين من يهودي وأنتِ المسلمة ..؟!!
ــ كانت ظروفي النفسية سيئة وتزوجت منه بإلحاح منه ، ولم أكن أعلم أن ذلك حراماً لأنني غير متدينة!
ــ ألم تشكين في نواياه وهو يلح في الزواج منكِ ؟
ــ لا مطلقاً فهو كان يحبني  ويسعي لإسعادي .
ــ هل يعرف أهلك في الأردن بقصة  زواجك من يهودي ؟!
ــ  لا ، فقد عارضوني بشدة عندما أخبرتهم برغبتي في الزواج من نمساوي ، وكنت قد كذبت عليهم وادعيت بأنه مسلم  من جذور نركية ، لذلك هربت مع موشيه الي إسرائيل  خوفاً من أن تطاردني أسرتي !
ــ  ما هي قصة هروبكما ؟
ــ  جاءني موشيه ذات يوم ــ وكنا نعيش في وستندورف ــ قبل انتقالنا الي فيينا  وبيده احدي الصحف المحلية ، وقال لي يوجد بالصفحة التاسعة حكاية غريبة عن طبيب إيطالي يغتصب مريضاته في حجرة العمليات بعد تخديرهن ، ولما فتحت الصغحة لفت انتباهي إعلان بارز إلي جوار القصة مباشرة ، كان عن طلب طيارين عسكريين أوروبيين من اليهود للهجرة الي إسرائيل ، وكانت المزايا المقدمة متعددة ومثيرة ، فتكلمت مع موشيه  وناقشت الأمر معه ، لكنني فوجئت بعدم اكتراثه للأمر  ، فغضبت منه لأنه يعرف مدي خوفي من مطاردات أهلي لي ، ومارست عليه إلحاحي كثيرا حتي وافق أخيراً علي ان نهاجر إلي إسرائيل !
ولما سألني هل أنت مقتنعة حقاً بالهجرة إلي إسرائيل ؟!
ــ أجبته بأن إسرائيل هي المكان الوحيد الذي سأحس فيه بالأمان لأن أهلي لن يتوصلوا إليّ أبدا هناك !
ــ ساعتها قال لي موشيه أخشي أن يرفضوا طلب الهجرة بالنسبة لك لأنك عربية ومسلمة  وأردنية ، فقلت له وكيف نضمن موافقتهم ؟!
قال بأن تتهودي ... ولما وافقت اصطحبني إلي معبد شيمودت حيث تم تهويدي وأصبحت يهودية !
ـــ هل كنت تكرهين كونك عربية ؟
ـــ كنت أكره مظاهر التخلف في بلادي
ـــ  هل عدم اكتراث موشيه بالإعلان الذي جاء بالصحيفة يوحي لكِ بشيء الآن ؟
ــ  ربما كان يدفعني لأن ألح عليه أكثر وأكثر ، أو أنه كان يرغب في العمل كطيار مدني .
ــ  هل كان موشيه يهودي متدين ، وهل كان  يحب إسرائيل ؟
ــ  لا لم يكن متدين ونادرا ما كان يذهب للمعبد ، وكان يحب إسرائيل ويفخر دائماً بتفوقها وتقدمها .
ـــ وأخته سارة ، هل كانت تحب إسرائيل ؟
ـــ  كانت مجنونة بإسرائيل وتصطاف بها كل عام .
ـــ  هل استدعتك جهات أمنية في إسرائيل ؟
ـــ نعم اصطحبني ضابطان إلي جهة أمنية لا اعرفها في تل أبيب .
ــ ماذا حدث معك هناك ..؟
ــ  برروا لي حروبهم مع العرب وأنهم يدافعون عن وطنهم  ولا يبغون عدواناً علي أحد ، وأنهم يسعون للسلام !!
ــ  وهل اقتنعت بكلامهم ؟
ــ كنت أقول لهم ذلك .. لكنني لم أكن مقتنعة بكلامهم  (( هنا أمونة الشعنونة تكذب بالتأكيد ، فهي نسيت عروبتها وتحولت الي يهودية بإرادتها المطلقة )) .
ــ  كم مرة استدعيت إلي مكتب الأمن ؟
ــ  مرة واحدة ... لكن ضابط اسمه  أبو يعقوب  كان يزورنا دائماً ويجلس معي كثيراً ليؤكد تبريراتهم !
ــ  ما هو اسمك الرسمي في أوراقك الإسرائيلية ؟
ــ  آني ... آني موشيه بيراد .
ــ متي  علمت بخبر سقوط طائرة زوجك موشيه ؟
ــ  في 11 ابريل 1972
ــ  من أخبرك ؟
ـــ ابو يعقوب .
ــ  هل قال لك أنه مات ؟
ــ لا ... أخبرني أن السوريين أسقطوا طائرته ، ولم يعلنوا بعد عن أسره ، بما يعني أنه ربما هرب .
ـــ هل طلبوا منك التوجه إلي سوريا ولبنان للبحث عنه ؟
ـــ  ليس صراحة ... لكنهم  أوحوا إلي أنه ربما التجأ إلي أحد الكهوف الجبلية  بسوريا في انتظار النجدة ، أو وقع في أسر أحد المنظمات الفلسطينية المنشقة عن فتح ، ولما اخبروني أنهم يبحثون عمن يقوم بمهمة البحث عنه  طلبت منهم أن أقوم بنفسي بتلك المهمة ، وعلي ذلك سمحوا لي بمغادرة تل أبيب إلى فيينا  بجواز سفري الإسرائيلي ، والسفر من هناك إلي بيروت بجواز سفري الأردني .
ــ كيف تم تجنيدك بعد ذلك ؟
ــ  أنا لم يتم تجنيدي ، لكنني سعيت بنفسي إليهم وقدمت نفسي لهم  وعرضت عليهم التعاون معهم خاصة بعد أن جاء ثلاثة ضباط من المخابرات الإسرائيلية إلي فيينا لتسهيل إجراءات ميراثي عن زوجي موشيه ، ومن هنا بدأ التعاون بيننا .
ــ كيف تم تدريبك للقيام بتلك المهمة ؟
ــ تم تدريبي في فيينا لمدة شهر وأربعة أيام علي كل مهارات التجسس بداية من كتابة الرسائل بالحبر السري إلي تحميض الأفلام  والهروب من المراقبة والتمييز بين الأسلحة ، واستقدموا من تل أبيب ضابط متخصص في تقوية الذاكرة  وتخزين الأرقام والمعلومات والصور ـــ أخيراً اعترفت أمونة الشعنونة صراحة بالتجسس ـ !
ودار تحقيق طويل جداً مع الجاسوسة العربية الأردنية أمينة المفتي  قالت فيه كل تفاصيل عملياتها في بيروت وجنوب لبنان وعلاقتها المشبوهة مع
كل من مارون الحايك ومانويل عساف  وخديجة زهران وحتي ابوناصر الضابط الفلسطيني الذي لم يتجاوب معها .
 وكان السؤال المهم في التحقيق ...
ــ هل زرعت أجهزة تنصت  بمكتب ياسر عرفات ؟
ــ  كانوا يفكرون بذلك عندما كنت في إسرائيل .. لكنني لم أفعل .
في نهاية التحقيق كتب العقيد أبو الهول في صفحة مستقلة :
 الجاسوسة أمينة المفتي أخضعت تماماً للسيطرة الكاملة ، وقانعة تماماً بوجود زوجها موشيه حياً وانه أقدم علي خداعها عن قصد خدمة للموساد!
وعلي الفور حمل أبو الهول ملف التحقيق ووضعه إمام قائده أبو داود الذي حمله بدوره علي الفور ووضعه علي مكتب الزعيم ياسر عرفات  ومساعده أبو إياد لتلقي أمونة الشعنونة مصيرها المحتوم ...!
ترى ما هو مصير أم الجواسيس العرب  أمينة داود المفتي ؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ  الإجابة المفاجأة  الحلقة القادمة ! ـــــــــــــــــــــــ
                 ــــــــــــــــــــــ إلي اللقاء ـــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــ الحلقة 12  قريباً إن كان في العمر بقية إن شاء الله  ــــــــــــــــــ
                             أحمد عبد اللطيف النجار
                                   كاتب عربي