الجمعة، 13 يوليو 2018

ملحمة ابن النيل ///// 6 //// الرئيس محمد نجيب ///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////


 ملحمة ابن النيل
الرئيس محمد نجيب
//////     6  ///////
ــــــــــــــــــــــــــــ

                             ابن مصر
                 الرئيس محمد نجيب
                             الحلقة السادسة

&&  المصدر الرئيس لملحمتي  كتاب كنت رئيساً لمصر   // مذكرات الرئيس الراحل محمد نجيب .
الناشر // المكتب المصري الحديث // القاهرة .
طبعة 1984 م .
بالإضافة  إلي مصادر أخرى متعددة من الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) وكذلك الصور التوضيحية من صديقنا العزيز جوجل .
ويا رب  تفهموا أن تلك  ملحمة تاريخية وليست سياسية !   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عشنا فيكي ...
يا أم الدنيا ...
سنة 2300 ميلادية ...
يا أم الحضارات ...
العتيقة ...
والآثار الفرعونية ...
حتشبسوت صرخت ...
من الفرحة ...
قالت آثاري تاريخية ...
حافظوا عليها ...
يا مصريين ...
لأجل الأفواج ...
السياحية ....
خوفو تدخل ..
 في الموضوع ..
قال أهرامي ...
واقفة وشامخة ...
شاهدة ...
علي أحوال البشرية ...
وأخواتي خفرع و منقرع ..
أهراماتهم واقفة  حواليا ...
أبو الهول  قال لا ...
مش ممكن ...
تنسوا دوري ...
في العملية ...
قام كل المصريين ...
نهضوا كتير بسياحتهم ..
خلوا السياح على راحتهم ..
قابلوهم بالورد البلدي ...
ووشوش ضاحكة ...
في خدمتهم ...
كان شعارهم ...
احمي ضيوفك ...
خليك دايماً ...
      في صحبتهم ...
وراعيهم بكل أمانة ...
ضحي براحتك ...
لأجل راحتهم ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دي كمان مجرد أحلام ، حتي لا يفهمني أحد غلط !!!
نواصل رحلة المليون ميل مع ابن النيل الرئيس المحترم محمد نجيب ، نستكمل معه ملحمة الكفاح والوطنية في سبيل أم الدنيا ، أم كل المصريين .
كتب رئيسنا العظيم في مذكراته الشخصية ( كنت رئيساً لمصر ) .....
           ضابط برتبة عامل تراحيل !
كل شيء هادئ في الخرطوم ، الحياة ، البشر ، الشوارع ، ووحدات الجيش .
لكنني ، بمجرد أن سلّمت نفسي في الكتيبة 17 مشاة  بالخرطوم ــ بحري ، حتي انقلب الهدوء الذي أحسست به الي غضب !
صدر الأمر لي ولأربعة  من الضباط ، أن نتحرك مع 450 جنديا، من الكتائب 4 / 13 / 17 ــ مشاة ، وفصيلة من الاستحكامات ، بقيادة الملازم عبد الله خليل ، للسفر فوراً إلي منطقة وادي بناجا  بالقرب من شندي  علي بعد 300 كيلو متر ، للعمل في مد وتقوية  جسور السكك الحديدية  التي كانت مهددة بمياه الفيضان .
في هذه اللحظة فقط أدركت  قيمة كلام إبراهيم أحمد عرابي ، وتأكدت أن الضابط  في بلد محتل  ليس أكثر من  مقاول أنفار !
لقد تحققت نبوءته بأسرع مما ما كنت أتصور !!
ستة شهور كاملة ، في بداية خدمتي ، وأنا لا أري سوي صورة واحدة .. الجنود يحملون المعاول والمقاطف  ... الضباط يقفون وسطهم ... الأتربة تغطي الجميع ، أتربة الحفر  والردم وليس أتربة المعارك !!
نفس الصورة ، كانت بالتأكيد ،  أيام حفر قناة
السويس والملعون  النخاس ديليسبس وشريكه الخديوي إسماعيل !
أحسست أن مستقبلي في الجيش أصبح مهدداً ، وأحسست أنني يجب أن أغيّر مسار حياتي .
وأحسست أنه  لا مفر من العودة الي الحياة المدنية من جديد ، ولم يكن أمامي  للخروج من مطب الجيش الذي وضعت نفسي فيه ، سوي أن أكمل دراستي .
كان علي أن أحصل علي الكفاءة ، ثم البكالوريا ، ومن يدري ، فربما انتسبت إلي مدرسة الحقوق ، وأصبحت محاميا أو قاضياً ، وبدأت في المذاكرة مرة أخرى !
وفي نفس الوقت طلبت نقلي من سلاح المشاة ، إلي سلاح آخر .. السواري أو الفرسان أو المدفعية ( الطوبجية )  وفوجئت بأنهم يوافقون علي نقلي  إلي السواري في نفس المكان في شندي .
لكنني كنت كمن خرج من حفرة ليقع في بئر !
في السواري كان القائد الإنجليزي لا يحبني ، هكذا لله في لله ، وكان اسمه  سميث ، وضاعف من هذه الكراهية أنني أصلاً من المشاة ، يعني من طينة أقل من طينة السواري !
ولأنني لم أكن اعرف عادات  السواري ؛ ظللت في خيمتي  حتي اسمع  البروجي في الصباح ، استعدادا للطابور كما
في المشاة ، لكن البروجي لم يضرب ، وخرجت ارض الطابور  لأعرف سر تأخره ، فوجدت سميث أمامي ، وإذا به يقول لي في سخرية ...
ــ صباح الخير يا باشمفتش !!
قلت له ...
ـــ ليه الأسلوب ده ؟!
قال : لأن عندنا في السواري الضابط  لابد أن يكون  في اصطبل الخيل من الساعة الرابعة  في الفجر وأنت حضرتك لا  تزال في خيمتك إلي الآن !
قلت : لكنني  مستجد في السواري  ولا أعرف مثل هذه الأمور ، ومن يومها  ظل يترصدني ، ويضعني تحت ضرسه !
وبعد أن ارتبطت  بحصان لطيف وأصبحنا أصدقاء  جاء يقول لي ... ــ لا تركب  هذا الحصان مرة أخرى !
ــ لماذا ؟
ــ لأنه حصاني أنا !
ــ بكم اشتريته ؟
ــ هذا الحصان مخصص لي من الآن ... هذا أمر !
ــ هذا حصاني ، وسأظل أركبه مهما حدث !
وانتهي النقاش بيننا في مكتب قائد عام السواري ، الذي ترك موضوع الحصان وقال لي :
ــ سوف تنضم إلينا في السواري ، ولكننا سنؤخر ترقيتك ، وسنقدم عليك أربع صولات  علينا أن نرقيهم إلي ضباط  قبل أن يخرجوا علي المعاش .
ورفضت ، وعدت إلي المشاة ، وعدت إلي الخرطوم ، وبعد أيام من وصولي إلي الخرطوم ، جاء لي إبراهيم عبود ، الذي كان زميلي في الوحدة ، وكان زميلي في المدرسة الحربية ، وكان زميلي في فريق الملاكمة ، وأصبح رئيسا لجمهورية السودان فيما بعد ، وقال لي :
ــ هل سمعت بما يجري في بلدكم ..
ــ لا
ــ بلدكم فيها ثورة !
كان إبراهيم عبود يقصد ثورة  1919 .. بالطبع .
وقبل أن يكمل الرجل كلامه ، ويصف لي ما سمعه ؛ رحت للقائد ، وطلبت منه أجازة ، لأسافر إلي مصر .
وسافرت إلي السويس بالبحر عن طريق بور سودان ، ومن السويس ألي القاهرة بالقطار .
في محطة القطار ، مر أمامي أميرالاي إنجليزي ، اسمه بيرسي سميث ، قائد الكتيبة الأولي للجيش المصري ، كان سمينا مثل البرميل ، وكان مغرورا مثل الديك الرومي
.. مر أمامي  فلم أؤد له التحية العسكرية .. كنت مرهقاً ، ومرتبكاً بسبب تأخر حقائبي ، وكنت لا أجد مبرراً لتحيته
والبلد فيها ثورة  ضد الإنجليز !
جاء لي الرجل وسألني ..
ــ لماذا لم تؤد لي التحية العسكرية ؟
قلت له : لأن بيننا  وبينكم خصومة  والبلد في حالة ثورة ضدكم ، ولو أديت لك التحية لأحسست بالعار  وأتعرض لاحتقار المدنيين  الذين يملأون المحطة من حولنا ، ثم أن المحطة كالميدان العام  لا تحية فيه بين الرتب .
قال لي في غضب ...
ــ من علّمك هذا الكلام ؟
قلت قوانين الجيش  !
سألني ...
ــ ما هي وحدتك ؟
قلت الكتيبة 17 ــ مشاة .
وأعطيت له ظهري ، وانصرفت ، دون تحيته ، فإذا به ينفجر  في وجهي  ويقول ...
ــ إذا لم تحيني فسأضعك تحت الإيقاف  العسكري فوراً !
ولأن أمي وإخوتي كانوا في انتظاري ، ولأنني كنت  لا أريد إفساد إجازتي ، ولأنني كنت أريد أن أرى عن قرب ، وبسرعة ما يحدث  في شوارع القاهرة  بعد أن انفجرت فيها الثورة ؛ قلت له ...
ــ أحييك بشرط ... أن ترد لي التحية بنفس الطريقة !
وافق  ، وتبادلنا التحية كما اتفقنا .
وانصرفت ، لكن بعد ستة أيام ؛ فوجئت بخطاب استدعاء  من هربرت باشا ، قائد منطقة  القاهرة ، والمدير السابق للمدرسة الحربية ، لكي أحضر إلي مكتبه !!
ــــــــــــــــــــــــــــ نكتفي بهذا القدر ـــــــــــــــــــــــــــ
&& في الحلقة القادمة  سنعرف ماذا حدث لرئيسنا العظيم محمد نجيب في مقابلته مع هربرت باشا ، وسنعيش كذلك أحداث ثورة 1919 ، كأنها واقعاً حياً مجسداً نعيشه اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين !
تلك الثورة العظيمة الخالدة كانت بواكير ثورات أحفاد الفراعين علي الحكام الظالمين بعد الثورة العرابية الخالدة للزعيم الوطني أحمد عرابي ( رحمه الله ) .
مرت عشرات السنين وعشنا معاً أحداث  ثورة 25 يناير 2011 الخالدة علي آخر الفراعين  المخلوع بأمر الشعب ، الديكتاتور حسني مبارك !
تلك الثورة الإلهية سوف أكتب عنها ( إن شاء الله ) ملحمة وطنية خاصة جداً ، رغم فشلها !!
لكنها حدثت بالفعل ولم تكن أضغاث أحلام !
والحمد لله لدي الآلاف من وثائق ثورة 25 يناير 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــ  والله الموفق  والمستعان ــــــــــــــ
                                    أحمد عبد اللطيف النجار
                                              كاتب عربي