قصص وأشعار رومانسية
مدونة أدبية شعرية حالمة بعيدا عن السياسة وهمومها ومتاعبها !!
الأربعاء، 21 مارس 2018
رباعيات
كلمات / أحمد عبد
اللطيف النجار
ليه ....؟!!
الوشوش كالحة والحيرة فيها عدم
ليه طبعنا إحنا البشر الاعتذار من غير ندم ؟!
وليه نزاحم بعضنا بالذراع وبالقدم ؟!
وليه نجازي اللي بنا ونكّرم اللي هدم ؟!!
نصيحة
حاسب يا ابن آدم دا أصلك من تراب
قرّب من العمار وابعد عن الخراب
تفكيرك يبقي واضح مش وهم أو سراب
خلي حلمك بسيط لأجل يكون مُجاب !
خليها علي الله
الدودة جوه الحجر دي رزقها مضمون
يرزقها ربي وربك رب كل الكون
وإن ضاقت بيك يا صاحبي اطلب من الله العون
تلقي الطريق مفتوح وكل صعب يهون !
رباعيات
جدد حياتك
غيّر وجدد حياتك بس بنظام وحساب
خلي بابك موارب للأهل والأحباب
الدنيا من غير بشر الوحدة فيها عذاب
وساعات كمان بالبشر تغلب شريعة الغاب !
أيام زمان
كان نفسي والله أكون عايش أيام زمان
أيامها كان الوِد والحب والحنان
الأخ يحب أخوه ولا يرضي له الهوان
وحتى شوق الناس علي الوش كان يبان !
الطيّب أحسن
اعمل طيّب وارميه اليّم
ولا عايزك أبداً تتغم
دا المعروف عمره ما يتزم
وإيه في الدنيا يساوي الهم ؟!
لسانك حصانك
أوعاك تقول لما يتوجب السُكات
أو حتى تندم على اللي راح واللي فات
بإيه يفيد بس الندم غير اجترار الذكريات
فكّر في بكرة واللي جاي واللي آت !
رباعيات
فلسفة الموت 1
الموت كاس كلنا شاربينه المتعافي والعيان
قدر مكتوب ومسّطره المولي الديان
بالحزن ليه نصوره ونعيشه في أحزان
أصل الحياة جسر واهي والله دي مهرجان
فلسفة الموت 2
ها تخش قبرك وحيد لا أهل ولا خلان
الكل داخله يا صاحبي شجاع كان أو جبان
ولا فيه ملك أو وزير ، الكل فيه سيان
ولا فيه غني أو فقير وكل شئ بالميزان !
فلسفة الموت 3
الموت دا أمر طبيعي كما الميلاد بأوان
وشئ لابد منه علي بني الإنسان
دا العمر مهما يطول مالوش يا صاحبي أمان !
عيش حياتك بطولها أوعاك تكون غفلان !
فلسفة الموت 4
الحكم
في الآخرة عادل مش فيه كنا وكان
في السؤال مش ها تنطق وتتكلم الأبدان
مش تحاول تراوغ كلع عليك ها يبان
إن كنت صادق تفوز ولو عصيت خسران !
رباعيات
فلسفة الموت 5
المؤمن
الواعي فعلاً اللي وعي القرآن
حافظ عليه جوه قلبه عمره ما كان سهيان
عارف إنه بعمله ممكن يكون خسران
والرك علي نيته واللي في ضميره كان !
ابتسم من فضلك
ابتسم للدنيا واضحك من فؤادك
يبقي حب الخلق غايتك يبقي زادك
بابتسامة حلوة صافية تنول مرادك
وليه تكشّر للزمن ويطول عنادك ؟!
الذكري المؤلمة
ليه الخيانة بتجري في دمكم ؟
ليه المشاعر متحجرة ، ليه عِندكم ؟
أنا جرح قلبي اكتوى بنار جرحكم
بس الأكادة كان دواه في بُعدكم
وفي احتمال الآهات من بعدكم
وتبقي أحضان الحبايب فيها العوض عن حضنكم
يبقي أمل بكرة اللي جاي ارحم كتير من بُغضكم
وربنا شاهد علي قساوة قلبكم !!
بكرة أحلى
خلي نارك تبقي باردة
دا العتاب أسبابه واردة
لأجل قلبك يبقي صافي
والهموم تلقاها شاردة
لأجل بكرة يبقي أحلي
لأجل تبقي الدنيا وردة
والأمل يفرد جناحه
يبقي طوله ألف ياردة
بكرة أحلي وبحلاوته
نتحمل مُر النهاردة !
زلة لسان
مش كل من قال كلام يبقي يعني كتب
ولا كل زلة لسان يبقي عليها العتب
ولا كل كبوة حصان لابد فيها العطب
يا سلام يا دنيا الأمل لو يأسي فيكي اتشطب
وابل ريقي بحلاوتك ما يكونش ناشف حطب
يا سلام يا أهلي يا ناسي لو تترقي النفوس
ونحب بعض حقيقي ما يكون غرضنا الفلوس
وكلامنا يبقي بحساب مش علي بعض ندوس !!
ولا يهمك
اصلب طولك .. اصلب طولك
أوعا اليأس يا أخويا يطولك
اثبت، حدد أهداف قولك
خليك جامد ، شادد حيلك
مهما يكون السعد بعيد
طولة البال ها تنول هولك
اصلب طولك .. اصلب طولك
/////////////////////////
ليه الغرور ؟!
لما تكون عايز تحب والقلوب الطيبة تقدر
تحبك
لما تكون النية صافية وفي عمايلك ترضي ربك
اعتمد علي الموالي وحده ولا عمر عقلك يوم يغرك
ولا تفتكر انك خلاص امتلكت حاجات تسُرك
حاول تفكر مرة صح ممكن عنادك يوم يضُرك!
//////////////////////////////////////
أحمد النجار
سرديات قصيرة
$$$$$$$$$$
// قصة قصيرة //
تحت أقدام أمي !
بقلم
أحمد عبد اللطيف النجار
كاتب عربي
الجنة تحت أقدام الأمهات ،الجميع يعرف ذلك،
لكن القليلون فقط يقـــــــدرّون هذا القول حق قدره! ، قلة قليلة هى التى استلهمت روح
الإسلام وقيمه النبيلة فى معاملة الأم وتوقيرها وتقديرها ، ولا أقصد هنا
بالتقـــــدير المـــــــــــــادى
فقط كما يفعل الجُهال فى ما يُسمى بعيد الأم
وعــــيد الأب ،بل وحدّدوا يومــــاً معيناً فى السنة لتكريمهم ،أما باقى أيام
العام فالأمر متروك للظروف والمزاج النفسى لكل فرد على حدة!!
وليتأكد كل شخص أهان والديه فى حياتهما
وبالذات الأم ،ليكن على يقين بأن
الله يمهل ولا يهمل وكما تدين تـُدان !
وهذا
ما عايشته بنفسي فى قصة صاحبي الدكتور شريف ، الذى نشـــأ في أسرة ريفية بسيطة فى
قرية ميت الطيبين ،إحدى
قرى محافظة الشرقية ،وكـــــان أبواه أميين متدينين ،فكانت حياة شريف بسيطة للغاية ،حيث
إلتـــحق بكُتــــــّاب القرية
وحفظ أجزاء من القرآن الكريم،وتعلم فى أقرب مدرســـة لقريته حــــــتى أنهى تعليمه
الثانوى ،وحصل على مجموع كبير فالتحق بكلية الطب ،وتمــــــــر أعوام الدراسة سريعاً كما تمر أيام العمر
،ويكابد أبواه شظف العيش من أجـــل توفير المصاريف لدراسة ابنهم الأكبر شريف.
ولأترك صاحبى شريف يقص علينا تطورات مأساته،
يقول شريف:
خلال
سنوات الدراسة تعرفت على زميلتي يسرية فى الكلية وإنجذبت إليها كثيراً وكأن تياراً
مغناطيسياً يشدنى إليها رغم نفور جميع الطلاب منها لغرورها وتقلب مزاجها وتبرجها الزائد ، إلى جانب إنها لم تكن جميلة
إطلاقاً ورغم كل شىء فقد تعلقت بها ولم أجرؤ على مفاتحتها فى شىء ،وللأسف الشديد
فقد كان لذلك تأثير سلبى على دراستى فرسبت فى السنة الإعدادية بكلية الطب ،وسبقتى
هى إلــــى السنة الأولى ،وتدهورت حالتى النفسية كثير ، فكان نجاحى بطيئاً وإنتقالى من سنة إلى أخرى
،أما زميلتى يسرية فقد سبقتنى فى التخرج من الكلية وانقطعت أخبارها عنى عدة سنوات
وإن كانت لا تغادر مخيلتى أبداً ،وأخيراً تخرجت أنا بعد جهد جهيد وذهبت إلى المستشفى
الذى سأقضى فيه فترة الإمتــــــياز ، ففوجئت بزميلة الدراسة يسرية وقد عُينت
طبيبة نائبة فى المستشفى الجامعى الـــــــــذى سأعمل به وأنها سترأسني خلال فترة
الإمتياز ،ولاحظت كذلك أن جميع العاملين بالمستشفى ينفرون منها ،ولكن غرورها تلاشى
نهائياً بعد أن سرقها قطار العمر ويأست من الزواج!
ووجدت نفسى يا أخى وبدون أن أدرى أتقدم لطلب
يدها فوافقت سريعاً وبدون
أى شروط ، فكنت ساعتها مذهولاً لا أصدق نفسى
، وذهبت إلى أهلى فى بلدتى
ميت الطيبين وأخبرتهم بما أنوى عمله ،فلاحظت عليهم
الوجوم والحـــــــــــــــيرة ونصحونى أن أبتعد عن يسرية لأنها كانت السبب فى
أزمتى النفسية من قبــل ،
ولأنها لا تناسبنى ودنياها غير دنياى !
ولكنى للأسف لم أطق أى معارضة وأصررت على
الزواج من يسرية حتى لـــو رفض أبى مساعدتى مالياً!
ومضيت فى إستعدادى للزواج ،وخلال هذه الفترة
توترت أعصــــابى فأصبحت
حاد الطباع مع أسرتى وأذيت أبى وأمى كثيراً
بلسانى فكانا يصبران علىّ عـــلى
أمل أن يهدينى الله ، وكلما اقترب موعد زواجى
ساءت طباعى معهما ،حــــــتى
حدث قبل أسبوعين من زفافى أن نشبت مشاجرة
عادية بينى وبين أمى بسبب
موضوع الزواج ،فإنهلت عليها لوماً وتوبيخاً أمام
أبى وأخــــــــــوتى ،ثم أعمانى الشيطان فإذا بى أرفع يدى وأهوى بها على وجهها
أمام الجميع الذين أصابهم الذهول مما حدث!!
وأسرعت أنا بالخروج وصوت أمى يشيعنى بالدعاء أن
أرى
من أولادى نفس الأذى والمهانة التى عاملتها
بها !
والله يا صاحبى ما زلت أسمع رنين ذلك الدعاء
فى أذنى على مر السنين !!
وعندما ذهبت إلى عروستى يسرية لاهثاً مهزوزاً
،ورويت لها ماحدث متوقـــعاً
منها أن تلومنى وتوبخنى ،إذا بها تقول لى أن
هذا هو أقل ما كان ينبـــــــغى أن أفعله مع مثل هذه الأم السمجة!!
لقد أعمى الله بصيرتى ــ يقول شريف ــ ولم
أشعر بخطورة الجرم الذى اقترفته فى حق أمى ، وتزوجت يسرية ومرت السنون تباعاً
،أنجبنا خلالها البنــــــــات والبنون ،وقاطعت أهلى نهائياً كأنهم ليسوا على وجه
الأرض ولم ينفقا علىّ كل
ما يملكان لأصبح طبيباً !!
وتوجهت كل عنايتى وحياتى وإهتماماتى إلى
زوجتى يسرية وأسرتها ومعارفها
ثم إلى أولادى الثلاثة ، وفى الواقع كانت
حياتى مع يسرية سلسلة متواصلة من
الكآبة والشجار والمشاكل ، أما أبنائى الذين
صبرت من أجلهم على كل ما لاقيته من عذاب وهوان من زوجتى ،فقد شب الولدان الكبيران
مهنم متشبعين بأخلاق
أمهما وطباعها ،وكلما تقدمت بهما السن زادا
شروداً عنى وإلتصاقاً بأمهمــــا ،
حتى جاء يوم كنت أوّبخ فيه ولدى الأكبر على
تدخينه السجائر بشراهة أمـــامى
فإذا به ينفجر فىّ باللعنات فصفعته فإذابه
يمسك يدى ويبصق فى وجهى!!
تصّور ابنى يبصق فى وجهى! وبالطبع إعترانى
إنفعال شديد وصياح عالٍ عــلى
كل من فى المنزل !
والله يا أخى وأنا فى قمة إنفعالى تذكرت وجه
أمى المسكينة وهى مذهولة عقب
تلقيها صفعتى الملعونة!
أمي الحبيبة التي
كان ينبغي عليّ تقبيل قدميها جزاء صبرها وتربيتها وسهرها الليالي تعد لي الوجبات
الساخنة الطازجة انا وزملائي أثناء الامتحانات
!
وتذكرت أيضاً صورة أبى وأخوتى وهم مشدوهون!!
لقد خيل إلىّ أنى سمعت صوت أمى وهى تلاحقنى
بالدعــــاء إلى الله أن يذيقنى نفس الكأس الذى أذقته لها!!
عرفت لحظتها فقط أن ما حدث لى من أولادى
بمثابة إنتقام السمــــاء لما فعلته بأمى ، وأن وقت الحساب قد آن ،وأشعر الآن
بالندم الشديد على سلوكـــى مــع أمى وأبى ،وأرجو الله أن يتقبل توبتى بعد أن مات
والداى ولم يعـــد هناك سبيل
لصفحهما عنى !
إنه درس قاس ٍ وبليغ ،أرجو أن نتعلم منه
جميعاً ونعرف حقاً وصدقاً ويقيناً أن
الجنة تحت أقدام الأمهات ،وأن ماحدث لك يا
صاحبى فإنما هو عقــاب مــــــــن
السماء وفاتورة من فواتير جبروتك وطغيانك على
أمك وظلمك لأهلك ،كــــــان لزاماً عليك سدادها!!
وأنت فى الواقع بدأت السداد فى وقت مبكر جداً
مــــــــــن حياتك الزوجية حين
انقشعت أوهام السعادة مع زوجتك حادة الطباع
،المكــــــــــــــروهة من الجميع ،فتجرعت معها كئوس الشقاء حتى الثمالة ،وقد
بالغت أنت كثيراً بتوهمك إمكان
تغيير طباع يسرية مع علمك التام بسوء طباعها
وكره الآخرين لها!!
فلو كانت يسرية فتاة أصيلة لما قبلت الإرتباط
بك بعد ما رأت مبلغ وفائك لأمــك
وأبيك أو على الأقل لأجبرتك على الرجوع عن
الخطأ، لكن فاقد الشىء لا يعطيه
والحديث الشريف لأشرف الخلق عليه الصلاة
والسلام يقول من عق أبويه عقه ولده ، فكفاك قطعاً لرحمك وابدأ على الفور بالإتصال
بإخوتك ،وأوصل صلاتك
المقطوعة معهم ، وحاول تأدية فريضة الحج نيابة عن أبويك ،لعل الله يغفر لك
ولعلنا جميعاً نعى ونفهم قرآننا الكريم بعقول
واعية وقلوب سليمة ،ولعلنا نطبق
فى حياتنا الدنيا قول الحق سبحانه وتعالى(
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ) صدق الله العظيم
قصيدة قصيرة
روح الحبايب ...!
كلمات
أحمد عبد اللطيف
النجار
شاعر عربي
آه يا حبيبي من
الحنين ...
قلبي اتظلم اشكي
لمين ...؟
روحي وروحك عاشوا
الهوى ..
وسألهم شوق العاشقين
...
ليه الغرام شكله راح
....
وضاع معاه حب السنين
..؟
ليه الحبايب تبكي
دموع ...
والحسرة باينة في
العينين ...؟
روح الحبايب عايشة
هوانا ...
وإحنا هوانا أصبح
حزين ...!
إحنا هوانا أصبح
حزين ...!
قصيدة قصيرة
شوقي ينادي ..
كلمات
أحمد عبد اللطيف النجار
شاعر
عربي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كبريائي طبعه هادي ...
شوقي كان ليكي ينادي ...
ارحمي حبي ودادي ...
اجرحي فيا المشاعر ...
أنت عارفة إني شاعر ...
بالألم من كبريائك ...
والأسف من كل شيء ...
شوفته وهمّ في حيائك ....
يبقي أحسن ترحلي ....
أو رحيلي عن سمائك ...
أو رحيلي عن سمائك ...!
قصيدة قصيرة
كرامة الاعتذار !
كلمات
أحمد عبد اللطيف النجار
شاعر
عربي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كبريائي قام وثار ...
قال سكوتك مش قرار ...
قلبي منك استجار ...
قال يا خوفي من اللي ضيّع ...
الكرامة في اعتذار ...!
تعتذر لكبريائها ..!!
تقبل الهمسة في ريائها ..!!
تتمنى لو نظرة منها ...
أو تلمح في يوم حيائها ...!
في النهاية صون حياتك ...
اشترى نفسك وذاتك ....
قول لها يا كبريائك ...
وأنت في أسوأ حالاتك ...
وأنت في أسوأ حالاتك ..!
قصيدة قصيرة
أحمد مظهر ...
فارس السينما العربية ..
كلمات
أحمد عبد اللطيف النجار
شاعر عربي
فارس
طول عمره في السيما ..
كان سيد
الفرسان ....
في
الشيماء شوفنا غزواته ...
وعرفنا
إنه إنسان ....
وفي
جميلة بوحريد شوفناه ....
بيحارب
ضد الطغيان ....
احمد
مظهر فنه كبير ....
عايش علي
طول الزمان ...!
عايش علي
طول الزمان ...!!
القصص الهادف
شاطيء الإيمان
بقلم / أحمد عبد اللطيف النجار
أديب ومفكر عربي
من أعماق الظلام واليأس يولد دائماً شعاع أول ضوء
للأمل ، ومهما بعدت بنا مرافيء الحياة فلابد (إن شاء الله ) أن ترسو يوماً علي
شاطيء الإيمان .
والأمل في رحمة الله دائماً موجود واقعاً حياً
مجسداً في كل ما يقابلنا من أحداث وابتلاءات ، فليس بالطب وحده فقط يُشفي المريض
، فالطب ما هو إلا وسيلة والشافي هو الله
.
عمران طبيب شاب عمل بإحدى بواخر الركاب كطبيب ،
وكانت الباخرة التي يعمل عليها ترسو بين مواني إيطاليا واليونان ،
ولطبيعة عمله وسفره الدائم ، بدأ يحلم بالإقامة
والعمل في إحدى الدول الأوربية .
في إحدى رحلات العودة من أوروبا تعرّف على ظهر
الباخرة بفتاة مصرية كانت عائدة من تدريب صيفي في انجلترا ، لفتت مفيدة نظره
بأدبها وشخصيتها المتزنة وثقتها في نفسها ، وعلم عمران أنها تدرس بكلية الاقتصاد
المنزلي وتسافر كل صيف إلي انجلترا للتدريب ؛ فاتحها برغبته في الارتباط بها فرحبت به !
في مدينة الإسكندرية ذهب لأسرتها وخلال أسبوع
واحد كان قد خطبها وعقد قرانه عليها ، واتفقا علي الهجرة إلي لندن للعمل والدراسة
هناك ، وبدأ عمران في تحقيق حلمه لاستكمال الدراسات العليا في تخصصه والعمل في نفس
الوقت .
قابلتهم الصعوبات التقليدية في بداية غربتهم ،
لكنهم تعاونا معاً في بناء أسرتهم الصغيرة ، وكان عمران يمارس أكثر من عمل وكافح
كفاحاً مستميتاً لمواجهة متطلبات الحياة .
بعد فترة استقرت بهم الأحوال في لندن وأصبحت لهم
شقة صغيرة جميلة ، واستقرت زوجته مفيدة في عمل مناسب لدراستها بأحد الفنادق، وبدأ
الزوجين يشعرون ببعض الراحة والاستقرار فأنجبا طفلتهم الرائعة أميرة التي أظهرت
تفوقاً ملحوظاً في دراستها الابتدائية ، وبعد 9 سنوات اشتاقت مفيدة إلي طفل آخر ،
ورزقهم الله بطفلهم سعيد .
اكتملت الأسرة الصغيرة السعيدة واستقرت أوضاعهم
المالية واستطاعا بمدخراتهم البسيطة إنشاء مشروع صغير حققا فيه نجاحاً طيباً بحمد
الله .
كانت العائلة كلها في مصر يعرفون أميرة ويقدرون
شخصيتها العطوفة وروحها المصرية الودودة التي لم تتأثر بالنشأة والحياة
في أوروبا بكل مغرياتها ، وكانت هي بدورها حريصة
كل الحرص علي زيارة الأهل والأقارب في مصر كل عام ، وعندما بلغت أميرة عامها
السادس عشر ووصلت للسنة النهائية في دراستها الثانوية التي تؤهلها للالتحاق
بالجامعة ؛ لاحظ أبيها ذات يوم أن رقبتها
منتفخة بعض الشيء ، فظن ( بحكم عمله كطبيب) أن غدتها الدرقية ملتهبة بعض الشيء
وتحتاج لعلاج فوري ، وعرضها علي طبيب الحي الذي كتب لها العلاج دون فائدة ، فقام
بعرضها علي طبيب آخر نصحه بدوره لعرضها علي أطباء مستشفي كبير متخصص في لندن ، وتم
احتجازها بالمستشفي وبدأت سلسلة الفحوصات والأشعات والتحاليل لكا أجزاء الجسم لمحاولة تشخيص مرضها
.
خلال تلك الفترة تدهورت صحة أميرة بصورة
سريعة وكانت تنتقل من سيء لأسوأ ، وأبويها
يراقبنها في عجز وقهر وألم !!
فقد بدأت الابنة المسكينة تفقد سيطرتها علي عملية
الإخراج ، ثم بدأت تفقد القدرة علي تحريك ذراعيها وساقيها ، ثم القدرة علي الكلام
وعلي البلع وتناول الطعام والشراب ، وبدأت تفقد بعد ذلك ذاكرتها ولا تكاد تتعرف
علي أبيها وأمها ، حتى وصلت حالتها للحضيض ؛ فلازمت الفراش بالعناية المركزة مفتوحة العينين لا تعي شيئاً ولا تحس بأي شعور
مما يجرى حولها !!
وأخيراً استطاع الطبيب تشخيص حالتها بأنها مريضة
بمرض نادر هو ( لوباس ـ lopass) ويعني اختلال جهاز المناعة في الجسم الذي يؤدي
إلي أن يحارب الجهاز جسم الإنسان ويهاجم أعضاءه بدلاً من أن يدافع عنه !!
يا إلهي !!.... ساعتها صرخ عمران من أعماقه
طالباً رحمة الله به وبابنته المسكينة وزوجته وأسرته !
وبدأ علاج أميرة يسير في هذا الاتجاه ، وبدأ
الطبيب المعالج علاجه
بتغيير البلازما الملوثة بفيروس لوباس القاتل في
دمها كله ببلازما جديدة نظيفة، وقد أدي ذلك لتساقط شعر أميرة حتى أصبحت صلعاء
تماماً !!
ذات يوم ذهب عمران للمستشفي وأطل من خلف الزجاج
علي ابنته المسكينة الراقدة بلا وعي أو حراك في فراشها ، فرأى زوجته تسرّح لها الشعيرات القليلة الباقية
في فروة رأسها ، وتغني لها أغانيها القديمة التي كانت تهدهدها بها وهي طفلة رضيعة
، ساعتها انهمرت الدموع من عين عمران بغزارة وبكى بحرقة !!
لقد زاد من كربه إدراكه أن زوجته تعلم جيداً أن ابنتهم المريضة لا تسمع ولا تعي ما حولها ،
ومع ذلك فهي تمضي الساعات الطويلة تحدثها وتحكي لها الحكايات وأحداث يومها وما
قاله أبوها وما قاله الأطباء والأصدقاء ، وتروى لها عن الذين سألوا عنها وتبلّغها
تمنياتهم الطيبة بالشفاء العاجل بإذن الله.
حين يقول لها زوجها أنها لا تسمع تجيبه بإصرار
بأنها تسمع وتعي وتحس بما حولها ، وأنها ستشفى بإذن الله وستعود للوقوف علي قدميها
من جديد !
تركهم الرجل وعاد إلي بيته حزيناً مهموماً ،
وفوجئ بولده سعيد قد انتابته هو الآخر حالة نفسية غريبة ، فراح يأكل بلا وعي
ويزداد وزنه بشكل مخيف ، وزادت أسألته الغريبة لأبيه ، كان يعبّر خلالها عن خوفه
من المستقبل !
هكذا وجد عمران أسرته الصغيرة التي كانت ( قرة
عينه ) تنهار أمامه ؛ فلم تعد له رغبة في العمل وهو الذي لم يهدأ يوماً واحداً في
الكفاح طوال ربع قرن !
يا إلهي .... ماذا يحدث لي ؟ ولماذا ؟!!
أسئلة كثيرة تواردت علي عقل الرجل ، وقد لاحظ أن
الله فتح عليه
في أعماله ، ورزقه بعقود عمل لا يدري كيف تأتي
إليه ؟!!
كان تفسيرها في رأيه هي أن الله سبحانه وتعالي
يريد أن يمده بالمال لعلاج ابنته التي تتلقي علاجها في مستشفى خاص تكاليفه باهظا
للغاية !
وكثيراً ما كان عمران يطلب من أمه الدعاء
لحفيدتها ، خاصة أن الأطباء الإنجليز لا يعترفون بالمشاعر والعواطف ، وإنما
الحقائق عندهم مجردة ، فكانوا يخبرونه أنه لا أمل في نجاة ابنته من المصير المحتوم
، واستقر اليأس في أعماق الأب المكلوم وبدأ يفكر في المكان الذي سيدفنون فيه فلذة
كبده أميرة حين يحم القضاء ،، هل يعيدونها
لمصر أم يحتفظون بها إلي جوارهم في بلاد الغربة ؟!
في وسط تلك الأفكار السوداء ذهب عمران للمسجد
الكبير وسط لندن ، الذي اعتاد الصلاة فيه كل جمعة ، وسمع الخطيب يروى الحديث
القدسي عن الله سبحانه وتعالي (( وإن
جاءني عبدي يمشي أتيته هرولة )) ... ساعتها صرخ الأب المكلوم في المسجد : يا رب
جئتك هرولة فأقبلني في عبادك التائبين وأعفو عن ابنتي أو فأرحمها وألطف بها وبنا
وخفف عنها يا أرحم الراحمين ، واستمر عمران في دعاؤه غير مهتم بنظرات المصلين حوله
، وواظب علي الصلاة من يومها في المسجد ، وبدأ يستشعر سكينة عجيبة وهو ساجد لربه
يصلي لم يكن يشعر بمثلها من قبل ، وازدادت سكينته حين سأل الطبيب الكبير: ألا أمل
في شفاء ابنتي ؟. .. فأجابه الطبيب بصراحة
سافرة أنه كان يتوقع لها الموت في يوم محدد منذ شهر بسبب اختلال جهاز المناعة !!
لكن شاءت إرادة الله ألا تموت في الموعد الذي
حدده الطبيب الانجليزى ، فتجدد الأمل لدى الأب الحزين وشعر في هذه اللحظة بأن الله
سبحانه وتعالي لن يتخلى عن ابنته ولن يسلم أبيها لليأس
من رحمته .
ذات يوم فوجئ عمران عند زيارته للمستشفي بزوجته
مفيدة في حالة معنوية عالية جدا، وما أن رأته حتى صرخت :
ــ لقد تكلمت أميرة ، لقد تكلمت ونطقت بعض
الكلمات عبرّت بها عن رغبتها في الذهاب للحمام !!
ــ الله أكبر ولله الحمد ، إذن هناك أمل كبير بأن
تعود لحالتها الطبيعية ذات يوم ، بعد شهور من الغيبوبة التامة !!
ثم بدأت الأخبار السارة تتوالى ، لقد تحركت أميرة
!!... لقد تكلمت أميرة !!.... لقد تأوهت أميرة !!
كان أبيها كلما سمع ذلك أدرك مدى خطأه حين عاش
حياته كلها مؤمناً بالحقائق العلمية المجردة وحدها وحساباتها الدقيقة !
لقد عرف الآن كم كان مخدوعاً في تلك الحقائق
المجردة، وأيقن أنه ليس بالطب وحده تتقرر مصائر البشر ، وإنما بإرادة الله العليا
التي تدير هذا الكون وتحكمه بمشيئته سبحانه وتعالي .
مع الأيام بدأت أميرة تستعيد وعيها وتتعرف على
والديها وأخيها الصغير سعيد ، وأخبرهم الطبيب أنه جاء الآن دور العلاج الطبيعي
لكسي تستعيد أميرة قدرتها علي الحركة والمشي ، وأن ما حدث هو بالتأكيد معجزة إلهية
، خاصة فيما يتعلق بذاكرتها التي بدأت تستعيدها تدريجياً رغم إصابتها المتكررة في المخ !
وعلي الفور قام بنقلها لمستشفي العلاج
الطبيعي وهناك توالت المعجزات وبدأن
ابنتهم الحبيبة تستعيد قدرتها علي تحريك ذراعيها ثم ساقيها ، وبأت تستعيد ذاكرتها
بقوة وبنفس مستوى ذكاءها القديم ، وبعد فترة غادرت أميرة المستشفي وسارت علي
قدميها وقد استعاد جسمها كل وظائفه !
ساعتها شعر أبوها بأن الله سبحانه وتعالي قد
أخرجهم من محنتهم
ومن ظلمات اليأس
والخوف إلي نور الأمل في رحمة الله .
ذهبت أميرة إلي مدرستها مرة أخرى وتم اعتمادها في
السنة النهائية من المرحلة الثانوية كما كانت قبل المرض ، ومرت الأيام سريعاً
ونجحت أميرة بمجموع كبير والتحقت بكلية الطب !
إنها حقاً معجزة إلهية عظيمة عبرت بتلك الأسرة
اليائسة من ظلمات الإحباط إلي شاطئ النور
والإيمان والسكينة وطمأنينة النفس والروح ، وكما قال أحد العارفين بالله من
الصوفية : إن القلب الذي يسكن فيه الله هو القلب المطمئن مهما تقلبت به الأحوال ،
فإذا عدم القلب سكينة ربه ؛ تلاعبت به أنواء الحياة كما يتلاعب الموج الهادر بسفينة
فقدت شراعها !
يا الله .. سبحانك يا رب .. لقد تعلمنا من هذه
المأساة الكثير والكثير ، وأنه ليس بالطب وحده يحيا الإنسان ويتعافى ، وأن إرادة الله ومشيئته فوق كل
الحسابات والقدرات ، وأن الطب لم يُحط من أسرار الجسم البشري إلا بالقليل القليل
جداً !!
و..... ( ما أوتيتم من العلم إلا قليلا) .... صدق الله العظيم .
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب
عربي