سرديات قصيرة //////////////////// أبواب الفتنة !! ////////////////////////////////////////
سرديات قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــ
أبواب الفتنة
بقلم
أحمد عبد اللطيف
النجار
أديب عربي
أبواب الغواية والفتن كثيرة وإبليس اللعين لم
يعدم الوسيلة لفتنة وغواية عباد الله المؤمنين ؛ يساعده في غوايته عُصبة من شياطين
الإنس والجن ، و تلك الأبواب وأقواها الاختلاط السافر بين الرجل والمرأة سواء كان
في العمل أو البيت .
جميعنا يعلم أن المرأة أقوى أسلحة إبليس اللعين ،
هي دائماً وأبداً تثير الفتنة أينما حلت ، والحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم
حذرنا من فتنة النساء وكثيراً ما رأينا بيوتاً كانت عامرة بالأهل والأبناء صارت
خراباً بسبب الانفتاح الزائد عن الحد على الأصدقاء وفتح باب البيت على مصراعيه لكل
من هب ودب !
تامر مهندس شاب يبلغ من العمر 47 عام ، تزوج منذ
ستة عشر عاماً من سوسن التي كانت وقتها طالبة بالسنة الثالثة بالجامعة وفي قمة
التدين والأخلاق ، تخرجت زوجته وعملت مدرسة ومضت حياتهما هادئة أنجبا خلالها ثلاثة
أبناء صغار ملئوا دنياهم بهجة وسعادة .
ذات يوم قام تامر بزيارة مفاجئة لزوجته في مقر
عملها وعرّفته بزميلها مدحت الذي رحّب به بحرارة ، وبعد أيام قليلة أبلغته سوسن أن
زميلها هذا يرغب في زيارتهم مع أسرته ، وجاء مدحت مع زوجته وأولاده الذي يماثلون
أولاد سوسن في السن ، وأمضيا معاً وقتاً طيباً .
منذ الوهلة الأولي لاحظ تامر أن زوجة مدحت تفوق
زوجته جمالاً ، بعد فترة زمنية قصيرة تلقي تامر دعوة من مدحت لزيارته في بيته مع
زوجته سوسن وتكررت الزيارات العائلية
بينهم كثيراً ، وانتقل المهندس تامر إلي سكن جديد
بعيد عن الحي السابق ولاحظ أن مدحت زميل زوجته
بدأ يزورهم في سكنهم الجديد وحده دون اصطحاب زوجته معه ، بل ويمضي معهم وقتاً
طويلاً ، وتكررت الزيارات المنفردة من جانبه بشكل مكثف حتى بدأ تامر يتساءل عن سر
هذه الزيارات الكثيرة المنتظمة دون أن تحضر معه زوجته ، وواجه سوسن بتساؤلاته
فنهرته بشدة ودافعت عن زميلها مدحت بحرارة واصفه إياه بأنه صديق مخلص شريف يحترم
حقوق أصدقائه ، .. لم يقتنع تامر بدفاع سوسن عن ( صديقها) ومضت الأمور بعد ذلك في نفس الطريق ، ثم حدثت
بعض المشاكل العادية بينه وبين زوجته سوسن ولاحظ الرجل أن رد فعلها تجاهه قد أصبح
حاداً وجاف !
مرت الشهور ثم لاحت فرصة عمل بالخارج للمهندس
تامر لمدة عامين ، وظن الرجل أن بعده عن زوجته سوسن سوف يساعد في إزالة الخلافات ،
وسافر بالفعل للعمل بدول الخليج وكان
حريصاً وهو في غربته على الاتصال بزوجته وأولاده بانتظام ، وآلمه كثيراً أن سوسن
لم تكتب له أي رسائل خلال غربته بالرغم
على تلهفه على أي كلمة منها .
مضى عام كامل فإذا به يتلقى منها خطاباً مقتضباً
تطالبه فيه بإرسال ورقة طلاقها عن طريق
السفارة المصرية !
ساعتها صُعق الرجل وعاد لمصر على أول طائرة
ليحاول إنقاذ أسرته من الانهيار .
ناقش سوسن في أسباب طلبها الطلاق ولديهم ثلاثة
براعم صغيرة يحتاجون للرعاية ، فلم تجبه سوى بأن الحياة قد استحالت بينهما وأنه من
الأفضل لكل منهما أن يمضي في طريق مختلف !
ناقش المهندس تامر الأمر مع أهله وأقاربه ، فإذا
بأم سوسن تصارحه بأن ذلك الزميل الغادر ( مدحت) الذي كان يزورهم بكثرة في مسكنهم
هو السبب في طلب سوسن الطلاق وأنه سوف يتزوجها بعد حصولها على الطلاق !!
لجأ الزوج المسكين تامر لحكماء العائلة وواجه
مدحت بما قالته حماته فنفاه بشدة وتساءل عما يدعوه للزواج مرة أخرى ولديه زوجة
جميلة وثلاثة أبناء ؟
حاوال تامر كثيراً مع زوجته لإصلاح الأحوال
بينهما دون فائدة ، واضطر للعودة لعمله بغير الأقدام على الطلاق حفاظاً على كيان
الأسرة .
مرت الأيام والشهور وهو يحاول مع زوجته دون جدوى
فاضطر للعودة بعد سبعة شهور في محاولة
يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، لكن سوسن
استمرت
في معاملته أسوأ معاملة وتمسكت بالنوم في غرفة
مستقلة ، بل وراحت تهدده بدس السم له أو قتله خلال نومه إن لم يستجب لطلبها
الانفصال !
ولم تكتف بذلك
وبدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات الطلاق عن طريق المحكمة ، ودارت بينهما
مساجلات كثيرة في المحاكم ولم يستطع الزوج المسكين الصمود لبذاءات زوجته وشتائمها
أكثر من ذلك فوافق علي الطلاق وطلقها بالفعل ، ساعتها شعر تامر بأن قطعة من جسده قد
انتزعت منه وعاد لبيته مهزوماً مقهوراً .
مضت أيام العدة فما أن انتهت حتى عرف أن زوجته
المحترمة سوسن أم أولاده تزوجت في اليوم التالي لانقضاء العدة من مدحت الذي كان
يدّعي صداقتهم ودخل بيته واقتنص منه زوجته !!
تعرض المسكين تامر لانهيار تام حين عرف ذلك وحصل على
إجازة من عمله وجلس في بيته مع أولاده حزيناً مهموماً يكاد يجن من التفكير المتصل
فيما حدث له ، كان في شدة ضيقه يوسوس له الشيطان
أن يذهب لمدحت الغادر يقتله كي يريح المجتمع منه ومن آثامه ، لكنه يتريث
ويتساءل : ماذا سيستفيد أبنائي إذا فعلت ذلك وكان مصيري الإعدام أو السجن، من
يرعاهم في غيابي ؟!
ذات يوم فوجئ المهندس تامر بزوجة مدحت الأولي
تلومه قائلة إنه السبب فيما حدث لأنه أدخل مدحت بيتهم وسمح له بهذه الزيارات
المكثفة !
هذه مأساة من صنع شياطين الإنس جسدت لنا كيف تكون
أبواب الغواية سهلة وميسورة ، فتصبح سبباً مباشراً لهدم البيوت السعيدة وخرابها !
لقد رأينا كيف أن الصداقة والاختلاط بين الجنسين
في أي مكان تكون بمثابة باب العبور الرئيسي لدخول أعوان إبليس إلى حياتنا يعيثون
فساداً ، لكن في كل الأحوال أرى أن العار كله يقع
على تلك الزوجة الخائنة وليس على الزوج المخدوع تامر ، وإن كنت أراه بال
أدنى شك من المقصرين في حماية كيانه الأسري وزوجته !
لقد تشابكت كل العوامل كخيوط العنكبوت ؛ سواء
كانت الزوجة الخائنة أو الزوج المخدوع الغافل أو الصديق الوسيم ، وأدت كل تلك
العوامل إلى تلك النتيجة المأساوية ، وأرى أن فكرة الانتقام من ذلك الصديق الخائن
لا معنى لها ولا طائل من ورائها سوى مضاعفة الخسائر الإنسانية والاجتماعية ، واحل
الأمثل هو نسيان أمر هؤلاء الخونة واعتبارهم من غير الأحياء ولا الأموات ، ففي النسيان النعمة الكبرى والراحة الأبدية للنفس والروح .
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية