سرديات قصيرة ///// أخلاق الجاهلية الأولى !!!! ////////////////////////////////////////////////
سرديات
قصيرة
$$$$$$$$$$
أخلاق الجاهلية الأولي !
بقلم
أحمد
عبد اللطيف النجار
أديب عربي
في زمن
الجاهلية الأولي قرأنا وسمعنا عن عادة من أبشع عادات الجاهلية ، ألا وهي وأد
البنات ، أي دفنهم أحياء والمحافظة علي الذكور ، ويبدو أننا ونحن في القرن الحادي
والعشرين لم نتخلص من أخلاق تلك الجاهلية
المقيتة !
ما زلنا نفرح بقدوم المولود الذكر أكثر من احتفالنا
بالمولود الأنثى ، بل وما زلت أرى بعيني ( بعض ) الأسر والعائلات تحتفي كثيراً
بالذكور ويكون لهم كل الاهتمام وكل الحب وكل طلباتهم مُجابة ، في حين تكون البنت
وكأنها وصمة عار علي جبين أبيها !
تماماً كما شاهدنا في الأفلام العربية الكلاسيكية
، رأينا كيف كانوا بقلوب قُدت من صخر يدفنون بناتهم أحياء في منظر بشع ، كان ولا
يزال يقشعر منه قلبي كلما شاءت ( الصدفة)
أن أشاهد أحد تلك الأفلام الجاهلية !!
لقد بكي النبي صلي الله عليه وسلم عندما سمع قيس بن عاصم يحُدّث نفسه أنه كان يئد
بناته في الجاهلية وأن واحدة منهن ولدتها أمها وهو في سفر ، فدفعتها إلي أخوالها
ضناً بها علي الموت وإشفاقا عليها ، فلما عاد وسألها عن الحمل قالت أنها ولدت
مولوداً ميتاً ، ثم مضت علي ذلك سنون عديدة حتي كبرت البنت ويفعت ، فزارت أمها ذات يوم ، فرآها عندها فأعجب بها وبجمالها وعقلها
وذكائها وسألها عنها ، فصارحته بالحقيقة
ولم تكتمه شيئاً طمعاً في أن يضمها إليه ويمنحها رحمته وعطفه ، فقاطعها الرجل أياماً ثم غافل أمها
عنها ذات يوم وخرج بها إلي الصحراء حتي
ابتعد ،فاحتفر لها حفرة عميقة وأنزلها فيها ، والبنت المسكينة تصرخ قائلة له :
يا أبت ماذا تريد أن تصنع بي ؟!!.... ما هذا الذى
تفعله ؟! وهو يهيل عليها التراب ولا يلتفت إليها
وهى تئن وتقول : أتاركي أنت يا أبت
ِ وحدي في هذا المكان ومنصرف عني ؟!!... حتي دفنها حية وانقطع أنينها
!!!!!!!
يا الله ...! ما أبشعها من صورة ينزف قلبي دماً
وحزناً من هولها وكأنها حدثت اليوم أمامي !
.... يا الله ما أقسى قلب أبيها ...ما أقسي قلب أبيها ....ما أقسي قلب
أبيها !!!!!!!!!!
وإلي اليوم ما زالت أخلاق الجاهلية تلازمنا ، بل
ما زالت تسري في الدم العربي رغم انتشار الفضائيات من كل حدب ولون ودخولنا عصر
الانترنت ، فما زلنا نعتبر البنات وكأنهن كمالة عدد !!!
مع أن واقعنا يؤكد العكس ، حيث ظهرت (( الآن ))
علامات الساعة الصغري وهي أن يكون إناث أمتي أضعاف ذكورها ، كما حدّثنا بذلك حبيبي ونور عيني رسول الله
صلي الله عليه وسلم ، فأصبحنا نرى (( كل )) المواليد في (( كل )) الدول العربية
كلهن من الإناث !!
فهل يا تري من المحتمل أن نعود إلي أخلاق
الجاهلية الأولي قبل بعثة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، أم أننا عدنا فعلاً
بالتفرقة في المعاملة بين البنت والولد في (( كل )) شيء ؟!!!
خديجة فتاة مسكينة تبلغ من العمر 30 عاماً جاءتني
حزينة باكية تقول : أبي متوسط الحال ، لكنه هو وأمي ممن يفضلون البنين علي البنات
، لي شقيقان وشقيقتان وكلنا متعلمين
وحاصلين علي شهادات عليا ، لكن العرف السائد في أسرتنا هو أن الولد له أن يطلب ما
يشاء وفي أى وقت ؛ فيُجاب طلبه بترحاب شديد ، أما البنات فليس لهن الحق في أي شيء
، وقد قام أبي بتزويج أختي الكبري دون أن يساهم في جهازها بأي شيء ...نعم بأي شيء
ولا بجنيه واحد !!
والله علي ما أقول شهيد ، أم الولد فله كل شيء
بدءاً من الشقة إلي الأثاث والثلاجة
والغسالة والستائر والهدايا لخطيبته في المواسم ، وبعد الدُخلة له النقوط كله كي
يسعد بحياته !!
مرت الأيام وعملت بعد تخرجي مباشرة في أحد المصانع بمرتب هذيل لا
يتجاوز مائة جنيه ، أدفع معظمه في
المواصلات والغداء ولا يتبقى شيئاً أدخره لجهازى الذي لن يعاونني فيه أبي بمليم واحد
بسبب تلك الظروف القاسية فشل مشروع زواجي السابق بعد أن أوشك أن يتم لولا أن سحب أبي كلامه واتفاقه مع عريسي بأن يتكفل بأدوات المطبخ والتنجيد !
كان خطيبي قد جهّز بالفعل كل شيء وانتظر أن يقوم
أبي بالتزاماته فلم يفعل شيئاً !
ذات مساء كان أبي سامحه الله جالساً يتناول طعام
العشاء ، فطالبته بأن يفي بوعده ويتحمل مسؤليته في زواجي ، فترك الطعام ونهض
غاضباً ونام ، وفي الصباح جئنا له بالطبيب لأن
ضغطه ارتفع وأصابته رعشة شديدة !
كل ذك لأنني طالبته بتكاليف المطبخ والتنجيد ،
وبعد أن مرت الأزمة الصحية بسلام ؛ صمم أبي علي عدم زواجي من هذا الشخص وأعاد الشبكة
له ، وبقيت أنا آنسة في الثلاثين لا حق لها في الزواج إلا من عريس لا يطالب أباها
بأي شيء !!
فهل هذا هو العدل .... أم أنه العدالة العمياء
؟!!!!!!!
((( وإذا الموءودة سُئلت بأي ذنب قُتلت ))) ... وإذا المؤودة سُئلت بأي
ذنب قُتلت .... وإذا المؤودة سُئلت بأي ذنب قُتلت ...بـأي ذنب قُتلت !!!!!!!!!!
نعم يا الله بأي ذنب قُتلت ... بأي ذنب ظُلمت ...
بأي ذنب أهملت ؟!!!
ما فعله أبيك يا ابنتي هو الظلم بعينه ، البنت
لها نفس ما للابن من حقوق وواجبات علي الأب ، بل واجبه تجاهها أكبر ، ذلك أن الابن
أقدر علي كفالة نفسه من البنت ، فإذا كان الأب ميسوراً أصبح واجباً عليه مساعدة
بناته وأولاده جميعاً بما أوتي من رزق .
أما إذا كان معسراً وحالته المادية محدودة ؛
حينئذ تكون البنت أحق بمساعدته من الابن القادر علي الكسب وعلي تعويض ما
قصّرت عنه إمكانيات الأب .
ولقد خصّ رسولنا الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم البنات بتوصية الآباء بهن لأن حب الولد أصيل لا
يحتاج إلي توصية ، وآثر عنه صلوات الله وسلامه
عليه قوله : ( من عال جاريتين ــ أي بنتين ــ حتي تبلغا ، جاء يوم القيامة
أنا وهو كهاتين ـــ يشير بإصبعيه ــ ) .
واليوم نحن أصبحنا نعيش في زمن العجائب ، نرى
آباء ليس لديهم نخوة ولا مروءة ، يعاملون بناتهن
معاملة العبيد !!!
وكأنما رجعنا إلي أخلاق الجاهلية البغيضة التي كانت ( بقلوب قاسية ) تدفن البنات أحياء
وتمنع من عشن منهن من حق الإرث ، وتهضم حقوقهن إيثاراً للولد ، خضوعاً له أو خوفاً
منه !!!
في حالة ابنتنا المظلومة خديجة ، أبيها مُكلف
شرعاً وقانوناً بأداء تكاليف زواجها إذا كان قادراً علي ذلك ، وليس من حقه أن يغضب
ويرتفع ضغط دمه وتنفجر شرايينه للهروب من
تحّمل المسئولية !!!
أقول له ليست هكذا الرجولة في الإسلام .... ليست
هكذا الإبوة يا ((( رجل ))) !!
أين نخوتك ؟!! ...أين مروءتك ؟!!
أم أنها خرجت ولم تعد ؟!
إسلامنا عظيم ورائع ، تعاليمه واضحة وناصعة لمن يفهمها ويعيها ، وقد استلهم الغرب روح الإسلام وطبقها
في كل مجالات الحياة فتقدم وصار من أرقي الأمم ، أما نحن العرب ، فما زلنا نغرق في
جاهلية غبية حمقاء ، جعلتنا في ذيل الأمم في ((( كل ))) المجالات !!!
فمتي نطبق روح الإسلام في بلاد المسلمين ؟! ...متي ؟...متى ؟!!
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية