الأربعاء، 14 مارس 2018

سرديات قصيرة ///// أزواج ولكن !!! ///////////////////////////////////////

سرديات قصيرة
 ــــــــــــــــــــــــ
                  أزواج ولكن !
                                             بقلم
                        أحمد عبد اللطيف النجار
                                  كاتب عربي

الرجولة الحقة تعني أن يكون الإنسان  مسئولاً عن أقواله  وأفعاله ، وبالنسبة للأزواج تعني  أن يكون الزوج رجلاً في بيته  ورجلاً خارج بيته ، ومع زوجته رجلاً ومع أولاده رجلاً .
إذن فالرجولة  معني مرادف للشخصية القوية  المتزنة  التي تكون قوتها رحمة  وحزمها مع الآخرين  اقتناع ، ليس خضوع وإذلال !
لكن ما بالنا نري بعض الأزواج مع زوجاتهم كالخاتم في الإصبع  ، أو لعبة تلهو بها الزوجة وقتما تشاء !
من تلك النماذج ( الشاذة)  عرفت  صاحبي مدبولي ، مهندس الديكور الذي نشأ وتربي  وحيداُ مع أربع  شقيقات لأب يعمل موظف بسيط في الحكومة  وأم ربة بيت طيبة .
عاش مدبولي طفولته مع أبويه وشقيقاته في أحد الأحياء الشعبية بمدينة دمنهور .
الحب يرفرف  علي الجميع  رغم حياتهم المتقشفة .
كان الهدف الاسمي الذي وضعه الوالد لأولاده  هو أن يتفوقوا في دراستهم  ويجدوا عملاً ، ومن أجل ذلك الهدف ذاته  كان الأب يخضع البيت لنظام عسكري صارم قبل الامتحانات  ، فلم يكن يقبل أي تهاون في أداء واجبات الدراسة .
أثمرت تربيته الصارمة لأولاده ؛ فالتحق مدبولي بكلية الفنون التطبيقية  وتخرج منها بتقدير مرتفع والتحق بوظيفة مهندس ديكور بوزارة الإعلام .
بدأ مدبولي رحلة كفاحه ووقف بجوار أبيه وإخوته في مراحلهم التعليمية المختلفة ، مرت الأيام سريعاً وحصلت شقيقاته علي شهاداتهم الجامعية .
يومها شعر والده أنه قد أدى رسالته في الحياة ، أما مدبولي فقد التحق بعمل إضافي بعد الظهر في مكاتب المهندسين  المعماريين ، وأثبت لديهم كفاءة كبيرة في العمل ، فكان يكسب أضعاف ما يتقاضاه من عمله الحكومي .
علي هذا الحال قضي مدبولي أكثر من خمسة أعوام  ساهم خلالها في زواج  ثلاثة من شقيقاته .
ذات يوم أخبره أحد أصدقائه بوجود فرصة عمل رائعة في الكويت  كمهندس ديكور .
لم يتردد مدبولي وقدم أوراقه للسفارة الكويتية ووفقه الله ونجح في الاختبارات .
يومها عاد لأسرته وهو لا تسعه الدنيا من الفرحة ، وأبلغ أبيه بقرار سفره للكويت .
استمع اليه أبيه صامتاً ثم قال : عندك ما يكفيك يا ولدي ولا داعي  للغربة عن الوطن !
وأمام إصرار الفتي نصحه والده النصيحة الأخيرة قائلاً : احذر
من أن  يملكك المال بدلاً من أن تملكه أنت !
سافر مدبولي وتسلم عمله سعيداً راضياً  وازداد سعادة  وفرحاً بالمرتب الكبير ، وكان يرسل لأبيه وأمه ( مبلغ صغير)  للمساعدة في نفقات جهاز  آخر شقيقاته ، واستغرق تماماً في العمل حتي أنه أمضي العام الأول في غربته بلا أجازة سنوية ، وفي العام التالي حزم حقائبه وعاد في أجازة لمصر .
شاءت إرادة الله  أن يجلس في الطائرة بجوار  امرأة مصرية ، تعرف عليها وعرف أن اسمها إخلاص وأنها مطلقة  ولديها طفل .
حدث إعجاب متبادل بين الطرفين ، وفي نهاية الرحلة  طلب منها رقم هاتفها  وعنوانها بالقاهرة .
بعد أن قضي  أسبوعان  مع أهله ، فكر في الذهاب لزيارة إخلاص وأسرتها بالقاهرة ، وهناك لاقي ترحيباً كبير منها ومن أهلها .
عندما عاد لبيت عائلته  فاتح أبيه في أمر الزواج من إخلاص وصارحهم أنها مطلقة ولديها طفل !
في البداية رفضت أمه أن يتزوج  مطلقة واعترض أبيه   وشقيقاته ؛ لكنهم أمام رغبته فيها  وإصراره  في الزواج منها وافقوا .
تم عقد القران  والزواج في فترة قصيرة للغاية ، ثم اصطحبها معه للخليج .
وعاد مدبولي لحياته الأولي  من العمل المتواصل  لزيادة مدخراته ، وعندما فكر في شراء  شقة في القاهرة ، طلبت منه زوجته أن يكتبها باسمها ولم يرفض !
بل وتعمد ألا يطلع أبيه وإخوته علي حقيقة مدخراته  ظناً منه أنهم سوف يطمعون فيه !
بعد ذلك قامت إخلاص بفرش الشقة بأثاث فاخر  استنفد كل مدخرات  زوجها حتي أن مدبولي  لم يجد لديه  أي رصيد يساهم به في زواج
أخته الصغرى ، ورغم ذلك لم يغضب منه أبيه وإنما لفت نظره إلي إسراف زوجته الزائد عن الحد  حتي لا تضيع سنوات شقائه في الغربة هباء !
عاش لزوجين في وئام وتفاهم أكثر من أربعة أعوام لم تحمل خلالها إخلاص ، وذهبا للأطباء  الذين طلبوا إجراء فحوص  وتحاليل للزوجين أثبتت أن مدبولي غير قادر علي الإنجاب !
كانت الصدمة هائلة علي الرجل ، لكنه عاد وتماسك راضياً بقضاء الله وركز كل اهتمامه علي ابن زوجته وكأنه من صلبه .
بعد مرور 15  عام كبر عبد السلام  ابن زوجته وبلغ العشرين من عمره ، واكتشف مدبولي أنه لم يستطع أن يغرس حبه في قلبه !
فقد كان فتي  مستهتر  ، مدلل من أمه  ومتعثر في دراسته ، لا يبدي اهتمام بأي شيء !
مرت الأيام واستطاع مدبولي  تكوين ثروة كبيرة من عمله  بالخارج واشترى قطعة أرض كبيرة للبناء عليها وكتبها باسم زوجته أيضاً حسب رغبتها !
لقد أصبح الرجل كالخاتم  في إصبع زوجته ، هي تأمر  وهو يطيع طاعة عمياء !
حتي جاء يوم نشب فيه خلاف  بينهما كأي زوجين ، وفوجئ بها تخبره أن كل شيء باسمها  وأنه ضيف لديها ، لا أكثر ولا أقل !!
هكذا ببساطة فقد  مدبولي كل ما يملك رغبة منه في إرضاء زوجته ( إخلاص ) !!
نعم فقد كل شيء وهو الذى كان يخفي ثروته  عن أهله  حتي لا يطمعوا فيه !
يا إلهي ..!  لقد كان عقاب السماء  سريعاً وحاسماً لذلك الزوج الغافل الذي جحد فضل ربه عليه وفضل أهله عليه وتضحيتهم  من أجله ، وإنه لجزاء عادل لأولئك المغرورين بأنفسهم ومالهم !
المولي عز وجل لم يرض عن تصرفه منذ  البداية  وهو المطلع علي خبايا الصدور ، وأيضاً لا يرضي  عن تصرف تلك الزوجة الغير مخلصة  التي اغتصبت مال زوجها دون وجه حق كي تتمتع به هي وولدها المدلل !
إنه الغدر بعينه  قد أطل علينا  واقعاً حياً مجسداً لأصحاب النفوس الضعيفة والضمائر الخربة  الذين يظنون أن المال باق  وأن العمر طويل  وأن الصحة دائمة  ما دام معهم مال !
بئس ما يظنون  بقلوبهم الميتة  وتفكيرهم المنحرف !
ــــــــــــــــــــــــــــ وإن ربك لبالمرصاد  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                               أحمد عبد اللطيف النجار
                                                     كاتب عربي




0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية