الثلاثاء، 1 مايو 2018

سرديات قصيرة ////// عيد العمال ! ///// بأي حال عدت يا عيد ؟!!! //////////////////////////////////////////////////



 سرديات قصيرة
 ــــــــــــــــــــــــــ
 
                  عيد العمال  !
               (( بأي حال عدت يا عيد ؟!! ))                               
                     أحمد عبد اللطيف النجار
                                   أديب عربي

نعم بأي حال عدت يا عيد العمال ؟!!
العامل المصري أو العربي ، نراه عامل بائس ، حزين !
ولماذا هو بائس حزين ؟!
لأنه لا يجد قوت يومه !
ولماذا هو لا يجد قوت يومه ؟!!
لأن رجال الأعمال وأصحاب الشركات المصريين والعرب ، كل هدفهم هو إذلال العامل ومعاملته معاملة العبيد !!!
هؤلاء رجال الأعمال ( أشباه الرجال )  لا يعنيهم سوي جني الثروات علي حساب دم العمال الغلابة !!
مثلاً عندنا في  مصانع  مدينة العاشر من رمضان الاستثمارية  في  مصر ، آلاف المصانع والشركات ، يعمل بها ملايين العمال المصريين ، يعملون علي الأقل
12 ساعة يوميا ، وفي المقابل يعطونهم  أجور متدنية جدا جدا جدا !
وهناك في الصين مثلا العامل  الصيني يأخذ أجره بالساعة !
أما عندنا نحن العرب والمصريين ، فالعامل يأخذ أجره بالكرباج والذل والمهانة !!!
أعرف أنكم ستقولون  أن العامل الصيني أكثر نشاطا وابتكارا وإبداعا من العامل العربي والمصري !
ولماذا هو أكثر نشاطا وابتكارا وإبداعا ؟!!
لأنه يجد من يعطيه حقه كاملا  بكل محبة واحترام !
إذن مشكلة البطالة في مصر والعالم العربي  سوف تستمر لآلاف السنين وسط عالم عربي متخلف ، يتحكم فيه رجال أعمال  ( غير محترمين )  هدفهم هو امتصاص دم الغلابة وليذهب الوطن  وكل العرب إلي الجحيم !!
ذلك هو منطقهم المريض !
نحلم بيوم نري فيه منتج عربي ومصري حقيقي  في جودة المنتج الأوروبي  والصيني الأصلي !
ولماذا أقول الصيني الأصلي ؟!!!
لأن  الصين وبمنتهي المكر والدهاء تصدر  للمصريين والعرب عموما  منتج صيني من الدرجة العاشرة وبأسعار رخيصة جدا !
ولماذا هي رخيصة جدا ؟!!
حتي ينجحوا في تسويقها  وبيعها في المجتمعات المصرية والعربية المتخلفة !!
أقابل كل يوم آلاف  الشباب المصري والعربي الحائر  في البحث عن فرصة عمل بلا جدوى !
هؤلاء لو أنهم أتقنوا حرفة  لاستفادوا منها كثيرا وأفادوا مجتمعاتهم ، لكننا ما زلنا  بكل حسرة وأسف ننظر لكثير من المهن ؛ نظرة احتقار دونية وكأنهار عار كبير !!
ابتهال ، فتاة مسكينة ، بائسة ، جاءتني ذات نهار  تقول :
عمري 28 سنة ، هجرنا أبي ونحن أطفال صغار ، ليتزوج من أخري ثم أخري ثم أخري إلي أن رحل عن الدنيا دون أن يعرف عنا شيئا !
كنا شقيقين وشقيقتين في مرحلة الطفولة البريئة  ، تكفلت بتربيتنا امنا وخرجت لتكافح من اجلنا .
بعد 15 سنة صعبة ومريرة ؛ تخرج أخي الأكبر عبد الرحمن  وعمل وتزوج وبدأ يساعدنا ، ثم تخرج أخي عبد اللطيف وبدأ يشاركه المسئولية ، وعجزت أمي عن مواصلة الكفاح لمرضها .
ثم تخرجت أختي  ماجدة  وتزوجت بأول شاب تقدم لها  واستقلت بحياتها  البسيطة عنا .
أما أنا فتخرجت في كلية العلوم وبدأت أبحث عن عمل منذ
فترة طويلة ، وحينها فُجعنا بوفاة أخي الأكبر عبد الرحمن  بعد مرض قصير ؛ تاركا وراءه  زوجة وطفلين  ومعاش هزيل جدا ، لا يغني ولا يسمن من جوع !
بعد فترة عجز أخي عبد اللطيف عن الاستمرار في مساعدتنا  بعد أن تزوج !
ساعتها أصبحت انا المسئولة عن نفسي وعن امي المريضة .
مرت الأيام  علينا ثقيلة  حتي أكرمني الله  بالعمل في احدي المدارس  بنظام الحصة  سدا للعجز في مدرسي اللغة الإنجليزية .
وتمت خطبتي  وعقد قراني علي شاب ارتبطت به وبدأت استعد للزواج  .
فجأة استغنت عني  المدرسة بعد انتهاء العجز في المدرسين !!
خرجت ابحث عن عمل من جديد ، ولاقيت الهوان في التقدم لكل شركة تعلن عن حاجتها لموظفين ، فلكي أعمل في أي شركة خاصة من تلك الشركات لابد أن (( أتساهل ))  مع المديرين  والرؤساء ، وهذا ما رفضته تماما !
بعد تجارب مؤلمة ؛ فشلت في البقاء  في أي عمل أكثر من شهرين علي الأكثر ؛ كنت اسمع بعدهم  دائما الكلمة
المأثورة (( حسابك أهو ومع السلامة )) !
ضاقت بي الدنيا  وخطيبي محسن يتعجلني إعداد الجهاز كي نتزوج !
يومها قررت أن اعمل عملا جديدا  ؛ أحافظ  فيه علي نفسي ، وأستطيع أن أدخر منه ما احتاج إليه لجهازي .
عزمت أمري وقررت أن أعمل (( شغالة ))  لدي أسرة أستاذة جامعية تقم في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة !
وعن طريق أحد معارفي ذهبت بالفعل إلي بيت الأستاذة
الجامعية  وزوجها الأستاذ الجامعي .
قدمت نفسي لهما وأعطيتهم بطاقتي الشخصية المكتوب فيها إنني طالبة !
حين سألتني الأستاذة الجامعية كيف ستوفقين بين الدراسة والعمل ؛ قلت لها  علي استحياء أنني توقفت عن الدراسة وأريد العمل !
قبلتي الأستاذة في العمل لديها ( شغالة )  وحددت لي راتب شهري قدره  200 جنيه ، فرحت به كثيرا وقررت دخول جمعية بمائة جنيه كل شهر  ؛ لأحصل علي 1000 جنيه استكمل بها جهازي !
بدأت العمل نشيطة ؛ فكنت اذهب في الصباح المبكر ، وأقوم بكنس الشقة ومسح المطبخ وترتيب غرفة النوم والصالون  والمكتب ، ثم أعد الطعام وأنا اسمع الراديو
إلي أن تعود  الأستاذة  راضية  عن  عملي  وسعيدة بي .
في أول كل شهر  تعطيني 200 جنيه  ، فدفعت القسط الأول  من الجمعية ، وفي أول الشهر التالي قبضت الجمعية  واشتريت بعض قطع الالومنيوم  الصيني ، وقررت بيني وبين نفسي بعد أن تنتهي تلك الجمعية ان ادخل في جمعية أخري لأدفعها كقسط لحجرة السفرة ، وبدأت احوالى تستقر واطمأننت علي مستقبلي .
ذات يوم أثناء عملي في الشقة كنت أرتب مكتب الأستاذة الجامعية ؛ فوجدت علي مكتبها  كتاب في الكيمياء العضوية باللغة الإنجليزية ؛ فوقفت أتصفحه ولم اشعر بنفسي و إلا والأستاذة تقف ورائي مباشرة وفاجأتني  بسؤالها :  هل تفهمين منه شيء ؟!!
ساعتها اندفعت في لحظة حمق  قائلة لها : أنني خريجة كلية العلوم  منذ سبع سنوات  ولم أجد عملا آخر ؛ فسكتت  الأستاذة ؛ وبعد أسبوع وجدتها تقول لي  :  يا بنتي لا أستطيع تشغيلك  عندي أكثر من هذا ، ابحثي لنفسك عن عمل يناسب شهادتك !
ثم أعطتني أجر الأيام التي عملتها من شهري الثالث وودعتني  حتي الباب !
خرجت من عندها لا أري الطريق حتي وصلت الي البيت حزينة باكية ، منهارة  وحكيت لأمي  ما حدث ، وكان همي  الأكبر هو كيف أسدد قسط الجمعية ؟!
وكيف سأجيب علي تساؤلات خطيبي  الذي يسألني كل يوم عن الجهاز ؟!!
أنا الآن حائرة ، حزينة لا أدري ماذا أفعل عندما تأتي جارتنا التي ( تلم ) الجمعية  ،، ماذا أقول لها ؟!!!!

///// في البداية أصارحك القول ابنتي أنكِ أخطأتِ  عندما أخفيت حقيقة مؤهلك العلمي  عن الأستاذة الجامعية ، واعتقد جازما أنها تخوفت منكِ حين عرفت أنكِ كذبتها القول عن ظروفك !
لقد كنتِ تخجلين أن تخبريها أنكِ  متعلمة وحاصلة علي مؤهل عال مثلها ، مع ان ذلك تاج فوق جبينك لا يستدعي أن تخجلين منه !
العمل ، أي عمل ما دام شريف  لا يجلب العار والخجل لصاحبه !
في الواقع لقد تصرفت ابتهال  بواقعية شديدة ورائعة  عندما قبلت ان تعمل شغالة في البيوت؛ بعد أن طال بحثها وانتظارها الوظيفة المناسبة لمؤهلها العلمي .
وهذا بالتحديد هو  نفس تفكير الشباب في الدول الغربية والأوربية !
هؤلاء يقدسون العمل ، أي عمل لقيمته ومعناه ، فالعمل
ضد البطالة ، حيث يعمل المجتمع بأسره بجد وإتقان كما نري  في ماليزيا والصين واندونيسيا .
والله يا ابنتي  لقد رأيت بأم عيني  الشباب المصري في عهد زعيم اللصوص العرب حسني مبارك ، يعملون في وظائف خدمات معاونة  في المصالح الحكومية ، يعني بالمقشة والجردل  والمسّاحة ، وكلهم من حملة المؤهلات العليا  والمتوسطة !
هؤلاء لم يخجلوا  من طبيعة عملهم لأنه في النهاية عمل شريف ولأن  دولة مبارك المنهارة لم توفّر  لهم الوظائف المناسبة لمؤهلاتهم العلمية !!
ماذا يفعل هؤلاء المساكين ؟!!
هل يجلسون في بيوتهم يتحسرون علي أحوالهم  السوداء أم يفعلون مثل ابتهال  ويعيشون بواقعية ؟!!
ذلك هو حال شبابنا العربي الضائع !!!
شباب لا يجد العمل الشريف في أوطانه !
بل يجد صراعات وثورات فاشلة  وأوطان يتحكم فيها حكام ظالمين ، لا تعنيهم  شعوبهم أكثر مما تعنيهم عروشهم وكروشهم !!!!
يعيش الشباب المصري والعربي ضياع فوق ضياع  ، وهوان ليس بعده هوان !!!
ذلك الشباب الضائع  المحبط ، ماذا تتوقعون منه ؟!!!
لاشيء غير الكبت واليأس القاتل ، ثم الانفجار الكبير  والزلزال المدمر لكل أوطاننا العربية !!
يحتفلون اليوم بعيد العمال !!!
أي عيد وأي عمال !
إنه عيدهم في الغرب والدول المتقدمة !!
أما نحن العرب والمصريين فلا نشعر بأي عيد !!
بل بالحسرة والخجل والعار علي أوضاع أمتنا العربية الضائعة !
أمة ضائعة وفيها كل ثروات الدنيا !!!
يا للحسرة والعار علي أمة متخلفة تدمر ثرواتها في حروب بلهاء ، غبية كما فعل أخونا أبو المعارك صدام حسين !
وكما فعل شبيهه مجنون ليبيا معمر ألقذافي !!!
وكما فعل حاكم تونس الهارب إلي السعودية !
وقبلهم فعلها فرعون مصر الأخير  أبو علاء (( حسني مبارك !!!!
واليوم نراهم يفعلونها في اليمن وسوريا !!!
وبعد ذلك تدعون للاحتفال بعيد العمال !!!
ويحك عيد العمال !!!
العمال المصريين والعرب يعيشون  في الذل والهوان !
ولن نحتفل بك ونحن نعيش بأوامر الحاكم الظالم والسلطان الجائر !
ولن نبكي علي الأطلال  كما يفعل العجزة والخاضعين !
احتفالنا بك سوف يكون ثورات وبراكين هادرة علي الظالمين والمستبدين  في كل مكان !!!
ــــــــــــــــــــــ  والله الموفق والمستعان ـــــــــــــــــــــــــــ
                                  أحمد عبد اللطيف النجار
                                          كاتب عربي




0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية