سرديات قصيرة /////////// فتاة رخيصة ...!!////////////////////////////////////////////////////////////
سرديات قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــ
فتاة رخيصة !
بقلم
أحمد عبد اللطيف النجار
أديب
عربي
أصعب شيء علي النفس هوانها وأن ترضي بالذل لذاتها بحجة التضحية من أجل الوصول
لأهدافها !
لكن أي تضحية تلك التي تنزل بصاحبها للدرك
الأسفل من المذلة والهوان ؟!
أي تضحية تلك كي تضحي لنفس بعزتها وكرامتها
؟!
أي تضحية تلك التي تدعو النفس بإلحاح مريض أن ترضي الدنية
والخضوع التام للمحبوب ؟!!!
مايسة فتاة بائسة ، جاءتني ذات ليلة ، مقهورة
، حزينة تقول : عمري عشرين عام ، طالبة بكلية التربية ، منذ عامين تعرفت علي شاب
يكبرني بأربعة سنوات ، وأحسست من أول لقاء معه كأننا نعرف بعض منذ زمن بعيد ، ونحب بعض لدرجة أن ممدوح لا يطيق أن نفترق
ويأتي معي
لكل مكان أذهب إليه ، وقد تعاهدنا علي الزواج، لكن ممدوح لم يستطع أن يفاتح
أهله بالموضوع لظروف عائلية خاصة بشقيقته ألكبري
التي لم تتزوج بعد .
عرف أهلي بقصتي معه ؛ فجاء كي يشرح لأمي
ظروفه حيث إنني يتيمة الأب ، بعد ذلك فاتح أهله
في خطبتي بعد ان عرف بوجود عريس آخر يتقدم لي ، ففوجئت برفض أسرته لي
نهائيا ، وكانت والدته أكثر المعترضين بشدة علي زواجنا !
حزنت لذلك وغضبت وامتنعت عن لقاء ممدوح لفترة قصيرة ، ثم لم أطق صبرا ؛ فقررت أن
أقوم بخطوة هامة وجريئة حيث ذهبت بنفسي إلي بيته والتقيت بوالدته ، سألتها عن سبب
اعتراضها عليّ ؟
لم يكن ذلك أمر سهل بالنسبة لي ، لكني لم أجد
إمامي حلاً غيره !
فوجئت بأم ممدوح تقول لي أن سبب الرفض هو خروجي كثيرا مع ابنها بمفردنا
، وتواجدي معه دائما في كل مكان ، وأنني سهرت
حتي وقت متأخر مع إنني لم أكن وحدي ، فقد كان معنا إخوته الذين أصررت علي حضورهم !
كان كلام أم ممدوح معي حادا وجارحا ، فقد
صارحتني
بأن
بيتي ليس فيه حزم وفيه تسيّب وأنني لا أصلح زوجة لابنها !
ساعتها دافعت عن نفسي كثيراً وانتهت المقابلة
بأن وعدتني بأن تفكر في الأمر من جديد ، وبعد فترة ابلغني ممدوح أن أمه سوف تأتي
معه لزيارتنا وفرحت كثيرا لذلك .
لكنها حين جاءت أحسست أنها أتت علي مضض ، فقد زارتنا لكنها لم تتكلم مع أمي
عن موضوع خطبتنا كلمة واحدة واكتفت
بالزيارة وتفقد الأحوال .
بعد ذلك عاد ممدوح لمفاتحة أهله فقوبل طلبه
بالرفض ، بل والإصرار علي الرفض النهائي !
وكررت والدته من جديد أنني لا أصلح له وقالت في حقي كلام صعب جدا مع أني لم أفعل
شيء سوى أنني عرفت ممدوح ، فهل هذه جريمة أُحاسب عليها ؟!
هل ما فعلته معي أم (( حبيبي)) من العدل في شيء ؟!!
لماذا الظلم من بني آدم ...لماذا ؟!!!
/////
( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )
118 / النحل .
نعم فقد ظلمت مايسة نفسها كثيراً قبل أن يظلمها
أحد !
لقد أهانت نفسها بقسوة عجيبة قبل أن يهينها
أحد !!
رخصت عليها روحها ؛ فصارت رخيصة في عيون
الآخرين !
ذلك هو منطق الحياة العادل الذي كان يجب أن
تفهمه جيدا منذ البداية ، فهناك ( دائما )
ثمنا يدفعه الناس مقابل أفعالهم ومن العدل أن يتقبلوه بلا اعتراض ، فالتحرر
الأخلاقي مثلا يبيح للإنسان أن يستمتع بمتع
عديدة ومبهجة ، وأن يعيش حياته بالطول والعرض منطلقا بلا قيود وألا يحرم
نفسه من متع الحياة الدنيا ، لكن الثمن العادل لأفعاله هو سوء السمعة وانعدام
الثقة وافتقاد احترام الآخرين ورفضهم له !
وبالمقابل فأن الالتزام الأخلاقي يحرم الإنسان من متع كثيرة ما أسهل الحصول
عليها لو ترك نفسه لهواها !
لكن ثمن ذلك العادل هو احترام النفس
واحترام الآخرين وثقتهم فيه وقبولهم له .
والأهم من ذلك كله هو راحة الضمير الذي يؤهله
للسعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة .
ولا شك أن الفتاة مايسة قد أساءت لنفسها
كثيرا بلقاؤها اليومي علي مدي عامين مع (( حبيبها )) وهو في النهاية مجرد شاب غريب لا تربطها به أي
رابطة مشروعة !
هذا علاوة علي ظهورها الدائم معه في كل
مكان وسهرها معه حتي مطلع الفجر ولو كان
معه إخوته !!
هي بأفعالها الرخيصة تلك غرست بذرة الشك في نفوس أهله في مدي التزامها الأخلاقي !!
ماذا حصدت تلك البائسة من إرضائها لفتاها
العابث ممدوح سوي الحسرة والهوان وعدم احترام الآخرين لها !!
ألم تعلم بأن هناك خطوط حمراء لا يجوز للفتاة المحترمة الملتزمة
أن تتخطاها في علاقتها بالآخرين صونا لنفسها ومراعاة لحدود ربها قبل أي
اعتبار آخر ، وحتي لا يطمع فيها (( الذي في قلبه مرض )) وما أكثرهم في زمن الانترنت والفيسبوك
والماسينجر !!!!!
هي أيضا أساءت لنفسها بقسوة عجيبة عندما قامت
بإجراء تلك المقابلة العجيبة مع أم فتاها العابث
واستجدائها لها لعل وعسي يرق قلبها وتوافق علي زواجها من ابنها العابث !
هي بذلك أكدت لها فكرتها غير الطيبة عنها ،
ألم تدرك تلك البائسة أننا مازلنا نعيش في مجتمع شرقي محافظ له أعرافه وتقاليده !
لقد رخصّت تلك البائسة نفسها كثيرا ، فالفتاة
الكريمة عزيزة النفس لا يصح أن تعرض نفسها
علي من يرفضها أو تحاول إقناعه بقبولها !!
لو (( كان )) فتاها العابث ممدوح متمسكا بها حقاً
لاستطاع إقناع أمه وأسرته ، ولأعفي تلك البائسة
من ذلك الموقف المهين !!
الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن
الرجل قد يحب فتاة بالفعل ؛ لكنه ينكر عليها في أعماق أعماقه تفريطها معه ؛ فيحبها
بقلبه ويرفضها عقله !!!
وقديما قالوا ........ من يهن يسهل الهوان
عليه !!!!
من يهن يسهل الهوان عليه !!!
من يهن يسهل الهوان عليه !!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف
النجار
أديب عربي
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية